05 أكتوبر 2025
تسجيلإذا جاءك ضيف في مجلسك أو ديوانيتك أو بيتك فما هو أول ما تقوم بفعله ؟ يعكف كثير من الناس إلى الهرولة نحو تقديم واجب الضيافة من قهوة وشاي وفوالة كاملة في الوهلة الأولى، ويحرص بعضهم إلى الايعاز بتجهيز وجبة الغداء أو العشاء والإصرار على الضيف بالبقاء لتناولها، ويقوم بعضهم أيضا بالتواصل مع الآخرين من أجل حضور تلك الوليمة على شرف الضيف الزائر. لماذا تنطلق من الإنسان شحنات جاذبة عندما نواجه في الغربة أشخاصا من نفس بلدنا؟ لماذا نبتسم عندما نلاقي أحدا من نفس بيئتنا أو يتكلم بلغتنا أو أنه من أقاربنا؟ هذه المواقف تمر على الجميع دون أن نفكر ما هو التفسير المنطقي أو حتى العلمي لما يحدث. ونتساءل لماذا نشعر بالفخر والعزة عند سماع إنجازات أبناء الوطن في المحافل العربية أو الدولية، حتى وإن كان موضوع الإنجاز ليس من اهتمامنا أو ليس في صلب تخصصنا أو حتى ليس من ميولنا. لازلت أذكر تلك المرأة المسنة التي كانت تدعو لسمو الأمير حفظه الله بدعوات خالصة، وكذلك اهتمام الناس كل الناس بفوز دولة قطر بالإنجازات الرياضية في المحافل الدولية بالرغم أن من بين هؤلاء الناس من لا يحبون الرياضة أو لديهم ظروفهم الصحية التي تمنعهم من ممارستها. فضلا عن الشعور بالنشوة السياسية من انتهاء الأزمة الخليجية. إن حلقة التقاطع بين كل هذه هو الحب، الحب الكبير للوطن الذي يفرز معه هرمونا غير مرئي يجعل الشخص مليئاً بالولاء لأمير البلاد حفظه الله، كما أن الحب الكبير يخلق شعورا غريبا للانتماء لهذا الوطن، الحب الكبير يدفع الإنسان إلى سلوك الوطنية الثابتة التي لا تزعزعها أحداث أو تغيرها مواقف، وما التغني بأشعار الشعراء إلا أحد تلك الأمثلة. الضيف القادم إلى المجلس لا ينتظر من المضيف مأكلا أو مشرباً، إنه في الحقيقة يجس النبض في مدى " قبلة " صاحب الدار. ينتظر ذلك الإشعاع المتدفق حباً من راعي المجلس، وهكذا الشعور مستمر حتى عندما نتلاقى في شوارع الغربة، إنه الحب الكبير الذي يدفعنا إلى التسوق من متاجر هارودز في بريطانيا والتزود من وقود في فرانكفورت نعرف أنه تابع لاستثمارات قطر الخارجية. انتشرت العديد من المقاطع المرئية حول مجموعات الطلاب الدارسين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يعبرون عن مشاعرهم تجاه الوطن ويتغزلون بتفاصيله الجميلة. في تحقيق مصور قامت به قناة بي بي سي البريطانية مع الجاليات غير الإنجليزية التي تحمل جوازا بريطانيا في الوقت الحالي جميعهم أجمعوا أن الحنين للوطن هو الشعور الغالب والهاجس الملازم لهم طيلة معيشتهم في بلاد الضباب. من الناحية التربوية هناك مسؤولية تقع على عاتق الوالدين والمعلمين في ميدان التعليم، تتمثل في غرس حب الوطن لدى الناشئة كي ينمو معها، ويمكن الإشارة إلى أهمية النقاط التالية في عملية التنشئة: •الدفاع عن الوطن بالقول والعمل، ومواجهة أي أمر قد يؤدي إلى زعزعة سلامته واستقراره. •المساهمة الإيجابية بالقول أو الكتابة أو الأداء في كافة الوسائل المتاحة بما يعود على الوطن بالخير والرفعة والرقي. •تربية الأبناء على تقدير خيرات البلد والمحافظة على ممتلكاته ومرافقه. •تعزيز روح المبادرة الإبداعية لتحقيق رؤية 2030 وما بعدها. أن تحب الوطن يعني أن تعشق كل تفاصيله فهو الحب الكبير، تستنشق هواءه المنتشر بين الفرجان وترسم اللوحة الجميلة في داخلك للمباني والأشخاص والطرقات، الحب الحقيقي للوطن هو أنك تفخر به وبانتمائك إليه والعيش على أرضه، وأن تحب الوطن هو الالتفاف حول الشرعية والإيمان بما تقوم به لصالح مستقبل الأجيال، حب الوطن هو أن تدرك أن الحكمة كل الحكمة في الخطوة المباركة الأخيرة في اللحمة الخليجية التي تترجم انتصار الجميع وتبرهن الحب الكبير. آخـر الـمـطـاف: قولوا لمن ذم الديار وعشقه في غربة الأوطان والأسفار.. لو أن كل الأرض صارت جنة إلا دياري بلقع وصحاري.. لوددت أن أبقى بها متشبثا في ظل بيت آمن في داري... قسم برب البيت عيش آمن خير من الجنات والأنهار. هـمـسـة: لا ترتب الأشخاص في قلبك، دع أفعالهم تتولى المهمة. دمتم بود [email protected]