16 سبتمبر 2025
تسجيلكان جميل بن عبدالله بن معمر العذري والملقب باسم جميل بثينة؛ لأنه اشتهر بحبِّها يسكن مع بثينة في وادي القُرى في الحجاز بالقرب من المدينة، وسبب حبه لبثينة أنه أقبل يوماً بإبله وأوردها وادياً يقال له بَغيض، وجاءت بثينة واردة الماء وكانت فتاة صغيرة، فمرت على فصال (أولاد الناقة) لجميل كانت باركة فَنَفَّرتها بثينة فسبَّها جميل فردت عليه السباب، فأحب جميل سبابها فقال في ذلك: وَأَوَّلُ ما قَادَ المَوَدَّةَ بيننابوادي بَغيضٍ يا بُثَيْنَ سِبابُوقلنا لها قَولاً فجاءَتْ بِمِثْلِهِلكلِّ كَلامٍ يا بُثَيْنَ جَوابُ فلما اشتهر حب جميل لبثينة هدده قومها بالقتل فاستخفى، ثم هجا قومها، فاستعدوا عليه مروان بن الحكم، وكان على المدينة المنورة من قبل معاوية، فأهدر مروان دمه، فهرب جميل إلى اليمن، إلى أن عُزل مروان.ومن قصائده الرائعة التي قالها جميل وهو يصف حبه ووجده ببثينة هذه القصيدة التي منها:أَلا لَيتَ أَيَّامَ الصَّفَا جَديدُودَهراً تَوَلَّى يا بُثَيْنَ يَعودُفَنَغْنَى كما كنَّا نكونُ وأَنتموصديقٌ، وإذْ ما تَبذلين زَهيدُخَليليَّ ما أُخفي من الوَجدِ ظاهِرٌفَدَمعي بما أُخفي الغَداةَ شَهيدُإذا قلتُ ما بين يا بُثَيْنَةُ قاتليمن الوَجدِ قالَتْ ثابتٌ ويَزيدُوإن قلتُ رُدِّي بعضَ عَقلي أَعِشْ بِهِمع الناسِ قالت ذاكَ منكَ بَعيدُفما ذكر الخَّلانُ إلاَّ ذكرتهاولا البخل إلاَّ قلتُ سوفَ تَجودُفلا أَنا مَردودٌ بما جِئتُ طالباًولا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُجَزَتكِ الجَوَازي يا بُثَيْنُ مَلامَةًإذا ما خَليلٌ بانَ وهو حَميدُفَأَفْنَيْتُ عَيشي بانتظاري نَوالَهاوأَبْلَتْ بذاكَ الدَّهرَ وهو جَديدُ ومما يروى أنه لما حضرت جميل بثينة الوفاة دعا برجُل وقال له: هل لك أن أُعطيك كل ما أُخَلِّفُه على أن تفعل شيئاً أعهد به إليك..؟ فقال الرجل: نعم.. فقال له جميل: إذا مِتُّ فخذ حُلَّتي هذه واعزلها جانباً وارحل إلى رهط بثينة على ناقتي هذه، والبس حلتي هذه فإذا وصلت اشققها ثم صح بهذه الأبيات:صَدَع النَّعِيّ وما كَنَى بجميلِوثَوَى بمصرَ ثَواءَ غير قَفُولِولقد أَجُّرُ الذيلَ في وادي القُرىنَشوانَ بين مَزارِعٍ ونَخَيلقُومي بُثَيْنَةُ فانْدبي بعويلوابكي خليلكِ دون كُلِّ خَليلِ فلما سمعت بثينة هذه الأبيات خرجت من خبائها وقالت: يا هذا إن كنت صادقاً فقد قتلتني، وإن كنت كاذباً فقد فضحتني.. فقال الرجل: ما أنا إلا صادق، وأراها الحُلَّة فعرفت أن جميلاً قد مات.وسلامتكم...