22 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا سيحدث يوم 25 يناير؟

24 يناير 2012

في الذكرى الأولى للثورة المصرية، انقسمت القوى السياسية المصرية إلى فصيلين رئيسيين فيما يتعلق بكيفية الاحتفال بهذه الذكرى. فهناك القوى العلمانية بشقيها الليبرالي واليساري التي ترفض أن تحتفل بالذكرى وتعتبر أن الثورة المصرية لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها، ولذا لابد من استمرارها عبر الدعوة إلى تظاهرات مليونية في جميع أنحاء المدن المصرية يوم 25 يناير القادم ليكون مشابها ليوم 25 يناير الماضي. وتسعى هذه القوى إلى محاولة جر كافة فئات المجتمع للمشاركة في هذه التظاهرات حتى تتحقق أهداف الثورة وأهمها التطهير الكامل للوطن من رموز النظام السابق وقواه التي ما تزال تحكم ومنها المجلس العسكري الذي يرونه جزءا أصيلا من النظام السابق. في المقابل يرى التيار الإسلامي أنه برغم اتفاقه مع تلك القوى في أن الثورة لم تستكمل أهدافها، إلا أنه يختلف معها حول الطريقة المثلى لاستكمال هذه الأهداف. فهو يرى أن الثورة فتحت الباب للتغيير الذي يتحقق من خلال العمل السياسي الذي يسانده العمل الثوري في حال تعثره أو فشله كما حدث خلال الشهور العشرة الأخيرة حينما كان التيار الإسلامي يخرج في التظاهرات المليونية للضغط على سلطة الأمر الواقع لتنفيذ أهداف الثورة سواء فيما يتعلق بمحاكمة رموز النظام أو البدء في عملية نقل السلطة إلى المدنيين. لكنه في المقابل يرفض أن يتحول العمل الثوري خاصة التظاهرات، إلى غاية في حد ذاتها، خاصة أن التغيير في مصر يحتاج إلى سنوات طويلة، ولن يكون من مصلحة الوطن أن تستمر التظاهرات خلال تلك السنوات بشكل دائم يؤدي إلى نتائج عكسية تماما للمطلوب منها، حيث ستؤدي كما حدث مؤخرا إلى انتشار العنف والتخريب لمؤسسات الوطن وإلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى وستتحول طوائف المجتمع إلى فئات متناحرة. بعكس العمل السياسي الذي سيؤدي إلى وضع القواعد الأساسية لبناء الدولة المصرية الجديدة القائمة على الأسس الحديثة من حكم المؤسسات وسيطرة ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان. لذا فإن التيار الإسلامي يرفض التوجهات المسيطرة على التيار العلماني الذي يسعى إلى استغلال ذكرى الثورة من أجل تفجير موجة جديدة من العنف والتخريب بدعوى العمل على استكمال أهداف الثورة، في حين أن الهدف الحقيقي لهذه التظاهرات هو إفشال الطريق الديمقراطي الذي بدأ بالانتخابات البرلمانية التي حقق فيها التيار الإسلامي إنجازات مهمة على حساب التيار العلماني، مما دفع الأخير إلى محاولة عرقلة هذا الطريق والعمل بكل جهد إلى وقف وصول الإسلاميين للسلطة، حتى لو كان الثمن هدم الدولة المصرية وإحراق الوطن بأكمله. ولعل الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد خير شاهد على ذلك، حيث تفجرت موجات من العنف والتخريب التي كانت تعقب التظاهرات التي نظمتها تلك القوى العلمانية، والتي راح ضحيتها العشرات من المصريين، فضلا عن إحراق بعض المؤسسات الحيوية. لذلك تحرك التيار الإسلامي لمنع انزلاق البلاد في أتون الفوضى والعنف، عبر سحب البساط من تحت أقدام تلك القوى من خلال عدة أمور أولها توعية الشعب بالمخاطر المتوقعة من مثل تلك الدعوات ومحاولة الكشف عن أبعادها والدور الذي قد تلعبه قوى خارجية في دعمها في محاولة منها للتأثير في المشهد السياسي المصري. كذلك تسعى إلى محاولة النزول بكثافة يوم 25 يناير للسيطرة على ميدان التحرير والميادين الأخرى المهمة في أنحاء الجمهورية لتطويق تلك القوى ومنعها من جر المتظاهرين إلى أجواء العنف والتخريب. أما الأمر الثالث الذي ستلجأ إليه، فهو الإسراع بعملية إتمام عملية نقل السلطة، مستغلة الجلسة الأولى لمجلس الشعب . كذلك سيسعى التيار الإسلامي إلى الإعلان عن السعي لتحقيق أهداف الثورة عبر مجلس الشعب من خلال إصدار التشريعات التي تساعد على محاكمة رموز النظام السابق وكذلك معالجة الملفات المهمة مثل ملفي الاقتصاد والأمن. ومن المؤكد أن التطورات التي ستشهدها البلاد سوف تحدد إلى درجة كبيرة ما سيحدث يوم 25 يناير، فضلا بطبيعة الحال عن الذكاء المعهود للشعب المصري الذي يستطيع معرفة مصلحته جيدا والتوجه إليها مباشرة بعيدا عن تأثير المصالح المتعارضة للقوى السياسية بأطيافها المختلفة.