17 سبتمبر 2025

تسجيل

من المدرسة النبوية

23 ديسمبر 2023

لقد أكمل الله سبحانه وتعالى دينه مستوعبا جميع احتياجات الإنسان بصورة دائمة، وجعله رسالة السماء إلى الأرض كاملة نامية، فكانت آية الكمال في القرآن الكريم «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، آخر آية نزلت في كتاب الله تعالى وبشرت بأن الإسلام هو الدين الآخر من الله تعالى، وليس بعده دين ولا حضارة، لا نظرية ولا فلسفة. ذلك هو الدين العظيم الذي أنجب بفضل تربية النبي صلى الله عليه وسلم رجالا مثلوا كمال هذا الدين في حياتهم وأعمالهم وسلوكياتهم وأساليب عيشهم. من هذه المدرسة النبوية تخرج الجيل الذي تنزهت حياته وتزكت قلوبه وعاش ما عاش مسلسلا تاريخيا لأعلام هذه الأمة العربية والإسلامية، تنتقل نفحاته الإيمانية وروعته البيانية جيلا إلى جيل. لقد أخرج أعلام من هذه الأمة الكلام البيلغ والأدب الرفيع بموهبتهم أدبية وأفكارهم خصبة، حتى إن تاريخ الإسلام اعتبر كل واحد منهم مدرسة أدبية بالذات حيث أصبحت لهم مكانة متميزة بين أصحاب العلم والقلم. فكم من عقول تنورت بهم، وكم من نفوس تهذبت بفضل مجهوداتهم المخلصة، وكم من اناس اهتدوا إلى الطريق، وكم من معضلات وجدت طريقها نحو الحلول الصحيحة، إن هؤلاء الرجال إنما كانوا كمنارة نور وهدية في حلكة الظلام، وكسفينة نوح في بحر العصيان والطغيان، فكانوا مفخرة العالم الإنساني، في التاريخ البشري، مثلوا دورا مشرقا خالدا في إسعاد المجتمعات البشرية في العالم، والعودة بالإنسان إلى مصدر حياته ونشأته من جديد. إن أعلام من هذه الأمة كانوا امتدادا للرعيل الأول، وصورة صادقة للدين الحنيف، ونماذج رائعة لقوة البيان وجمال التعبير. لقد اخرج أعلام هذه الأمة نوعا جديدا من الأدب، وهو أدب أهل القلوب يختلف تماما عن أدب أهل اللسان، يحمل أدبهم تأثيرا وبلاغة، وروعة وجمالا.