13 سبتمبر 2025

تسجيل

أدب الطفل

23 ديسمبر 2013

الطفل هو اللبنة الأولى للإنسان، إنه أساس المجتمع وركيزته المبكرة، هو الشخص الحساس، في المرحلة الحساسة، الدقيقة في تكوّنها، الحذرة في تبلورها، وعليها ; كان لزامًا أن نتبع ذات الحذر والدقة، أن نكون على درجة عالية من الانتقائية، فيما يخص التعامل، والحديث، وحتى في التواصل البصري، لأنه ببساطة، الإنسان المستقبل. ولذلك، ظهر في الأدب، الحياة الموازية للحياة الطبيعية، ما يسمى " بأدب الطفل "، وهو النوع الذي تواجد منذ الأزل، وإن لم يكن يُعرف بهذا المسمى، أو حتى ما كان مكتوبًا، فكل ما ردده الأولون من أهازيج وحكايا و" حزايات " تدخل ضمن ما يسمى بـ " أدب الطفل " اليوم. ولعل أهمية خلق أدب خاص بالطفل، لا يقل أهمية عن الأدب فيه صورته الأم، بتعدد أنواعه كأدب السجون، وأدب الخيال، وأدب الرعب، وغيرها. إذ لا يمكن الاستهانة به، على أساس أن الجمهور دون سن الرشد، بل هو الأدب المعجز في أحيان كثيرة، لصعوبته، وحساسية مداره، إذ على الكاتب أن يُدرك أن هناك متلقيا ذكيا جدًا، أصغر منه ومن كون الكلمات الذي سيحلق في فضائه. إن مناخ هذا الأدب مختلف جدًا، كأن يكون الشخص الذي يخلق هذا الإبداع، هو الكاتب والأب في نفس الوقت، هو العائل والمسؤول عن عقل هذا الطفل الذي سيحتضن كتابه، أن يخاف عليه كأنه ابنه، من أن يتشوه تفكيره، أو تتشتت عاطفته، أو كل ما يفعله الكتاب في ذهن من أقبل عليه. ولذلك فإن الحمل الأكبر قد أُلقي على عاتق الكاتب، الذي يجب أولاً أن يرسم خطة بمعايير واضحة، كأن لا يغفل عن الجانب العقدي، والتربوي، والأخلاقي، والترفيهي، ومن ثم، أن ينزل بلغته العميقة والعالية، إلى لغة الطفل البسيطة اليسيرة، الخالية من التعقيد والتكلف، أن يتخلى الكاتب عن اللغة الفلسفية الصعبة والمصطلحات الرنانة، إلى لغة طرية، حتى وإن تم تنميقها، فإنها تنمق على قدر خيالهم الملون في عالمهم الصغير، العالم الذي سقفه السماء الزرقاء وقوس قزح. إن " أدب الطفل " مسؤولية عظيمة، لا تقل عن مسؤولياتنا اتجاه الأطفال في البيت، والمدرسة، والشارع، إنه مصدر للمعرفة، ومنهل لمعلومة قد تبني شخصية طفل، وتترسخ عن طريقها قناعات، إما إيجاباً أو سلبًا. لعلّنا ندرك صعوبة هذا المجال، من اختراع صورة، بألوانها، وحركتها، وهدفها، وكلماتها المبسطة، ولكن الجمال لامحدود، والّإبداع لامتناهٍ، ونحن نشد على الكتّاب في هذا المجال، نريد أدبًا عالميًا للطفل، برسالة سامية، وبنسج جميل مبسط، نقرأه بثقة لأطفالنا، وبإمتاع نراه في قلوبهم وأعينهم.