17 سبتمبر 2025

تسجيل

الله الله في الأبناء والبنات

23 نوفمبر 2017

من أهم الأولويات لدى جميع الآباء والأمهات دون استثناء هو صلاح أبنائهم وبناتهم، فاستقامتهم وصلاحهم غاية كل أب مكافح ومجاهد في طلب الرزق لهم، وكذلك كل أم صابرة محتسبة في تربية أبنائها، ولقد صارت هذه الغاية من الصعوبة بمكان، لا سيما في عصرنا الحاضر مع انتشار وسائل اللهو والانفتاح المفرط؛ مما أخلَّ بكثير من الأخلاق والعادات الطيبة، وأصبح يشكل خطرًا واضحًا على الجيل القادم؛ فزادت هموم الآباء والأمهات واشتد خوفهم على الأبناء من هذا التيار الفكري الجديد، وكل ما يحمله من مساوئ ومفاسد أكثر من المنافع على شبابهم وبناتهم. وفي الحقيقة، فإن السعي إلى صلاح الأبناء هدفٌ سامٍ ومطلبٌ نبيل نرجوه جميعًا، ولا شك أنه يجب علينا نحن الآباء والأمهات الاهتمام بصلاح أنفسنا أولا كخطوة أساسية في صلاح أبنائنا؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا استقمتَ أيها الوالد استقام أبناؤك، وكذلك إذا استقامت الأم وكانت صالحة انعكس ذلك على بناتها وكنَّ مستقيمات صالحات.  فصلاح الآباء نجاة للأبناء كما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]. يقول ابن كثير عليه رحمة الله: "فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقرَّ عينه بهم". أما الخطوة الثانية، فهي الإكثار من الطاعات وفعل الخيرات بنية صلاح الذرية؛ فقد ورد عن سعيد بن المسيب قوله: "إني لأُكثرُ من صلاة الليل من أجل ولدي". ثم الاستعانة بالله على تربيتهم تربية صالحة، ومن أهم وسائل الاستعانة الدعاء كما جاء في كتابه العزيز على لسان إبراهيم عليه السلام {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40]. فلنكثر من الدعاء لهم بالهداية في كل الأوقات وفي مواطن الإجابة، ولتجنَّب الدعاء عليهم؛ فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الدعاء على الأولاد فقال: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاء فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» [رواه مسلم]. فقد تكون إجابة الدعوة على الولد سببًا في مزيد من العقوق والفساد لمن دُعِي عليه من الأولاد. فقد جاء رجل إلى عبدالله بن المبارك -رحمه الله- يشكو إليه عقوق ولده، فسأله ابن المبارك: "أدعوتَ عليه؟"، قال: "نعم"، قال: "اذهب فقد أفسدتَه". فيجب أن نغرس الإيمان والعقيدة الصحيحة والأخلاق الكريمة في نفوسهم.  وتجنيبهم الأخلاق الرديئة والصحبة السيئة. ونحذرهم من صحبة الأشرار، ونشملهم بالعناية والرعاية والاهتمام بكل تفاصيل حياتهم حتى نقطع كل الطرق التي قد تؤدي إلى انحرافهم أو فسادهم عياذًا بالله من ذلك. وتحصينهم بالأذكار الشرعية، خصوصًا الصغار. والحرص على تحفيظهم كتاب الله. وتنمية مواهبهم، وتوجيههم لما يناسبهم. وإبعادهم عن أماكن المنكرات،  وتوجيههم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتكنلوجيا الحديثة، وتحديد مواعيد استخدام تلك الأجهزة لما فيه الخير والصلح، ومتابعتهم بطريقة غير مباشرة والاطمئنان عليهم ومعرفة الصحبة الصالحة، وإبعادهم عن الفساد والمفسدين، وإيجاد البدائل المناسبة المباحة المفيدة لقضاء أوقاتهم، وتشويقهم للذهاب للمسجد صغارًا، وحملهم على الصلاة فيه كبارًا. فلقد كان المسجد مدرسة الصحابة رضوان الله عليهم في كنف معلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكم أخرج لنا نماذج مشرفة يُضرب بهم المثل على مر التاريخ؟! نسأل الله تعالى أن يصلح ذرياتنا جميعًا وأن يُقِرَّ أعينَنا بهم في الدنيا والآخرة. اللهم آمين