13 سبتمبر 2025

تسجيل

قبرص تبحث عن حل مستحيل (3)

23 نوفمبر 2014

زرعت بريطانيا بذور الشقاق في جزيرة قبرص بين القبارصة الأتراك واليونانيين بعد منحها الجزيرة الاستقلال عام 1960 وسرعان ما تفجرت الألغام التي زرعها الاحتلال البريطاني بعد 3 سنوات فقط واندلاع القتال بين الطرفين، ثم محاولة القبارصة اليونانيين لضم قبرص إلى اليونان الأمر الذي أدى إلى اجتياح الجزيرة من قبل القوات التركية في 20 يوليو 1974 والسيطرة على 37% من الأراضي، ومن ثم إعلان جمهورية قبرص التركية الفدرالية في 2 أغسطس 1975، وفقا لاتفاقية تبادل السكان بين القبارصة اليونانيين والأتراك والتي تمت برعاية الأمم المتحدة، كخطوة من أجل توحيد قبرص في إطار دولة اتحادية، وبدأ ماراثون من المفاوضات الفاشلة استمر 8 سنوات وصولا إلى إعلان استقلال شمال قبرص من طرف واحد في 15 نوفمبر 1983 وإنشاء "جمهورية شمال قبرص التركية، واستمر الوضع على حاله من المراوحة غير المجدية إلى أن تقدم كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، في 13 نوفمبر 2002، بخطة سلام تهدف إلى تسوية قضية جزيرة قبرص المقسومة منذ 28 عاما بين القبارصة اليونانيين والأتراك، عبر إقامة كونفدرالية أشبه بالنموذج السويسري يمكن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وسلم نص الخطة إلى الرئيس القبرصي اليوناني غلافكوس كليريدس وموفد للرئيس القبرصي التركي رؤوف دنكطاش الذي كان يرقد في المستشفى إثر خضوعه لعملية في القلب في نيويورك، إضافة إلى تسليم مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ملخصا من عشر صفحات للنص، الذي يتكون 9000 صفحة، اعتبرت وثيقة تحيط بكل أبعاد الأزمة هناك.ونصت وثيقة عنان على إقامة دولة قبرص المستقلة بشكل شراكة لا يمكن حلها بين حكومة دولة مشتركة ودولتين مكونتين إحداهما قبرصية يونانية والأخرى قبرصية تركية، على أن الاستفتاء على الخطة في شطري الجزيرة، وفي أبريل 2004 أجري استفتاءان متزامنان في شطري الجزيرة وكانت النتيجة هي رفض القبارصة اليونانيين لخطة عنان بنسبة وصلت إلى 76% ، بينما صوت 65% من القبارصة الأتراك لصالح الخطة مما أدى إلى فشل توحيد الجزيرة، وبذلك أسقط القبارصة اليونانيون خطة الأمين العام للأمم المتحدة وأعادوا عقارب الساعة إلى المربع الأول، وأصبح تقسيم الجزيرة واقعا معاشا يقبل به الطرفان ضمنا دون أن يعترف به القبارصة اليونانيون رسميا.وهنا لابد من ذكر أن الرئيس التركي رؤوف دنكطاش كان يعارض خطة عنان لأنه كان متشككا بأهدافها وأنها تؤسس لمزيد من المشاكل بين الطرفين وستؤدي إلى مشاكل اجتماعية لأن مخطط عنان كان يشمل نقل سكان من اماكنهم دون أي اعتبار للاعتبارات الإنسانية للسكان، وقال إنه "يجب عدم إيجاد أية حالة من الغموض نتيجة محاولات عقيمة لإجبار طرفين غير متجانسين على التوحد".وبعد تأييد غالبية القبارصة الأتراك للتسوية التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة أعلن دنكطاش عدم ترشحه للانتخابات بعد أن حكم شمال قبرص لأكثر من 30 عاما وفاز رئيس الوزراء محمد علي طلعت بانتخابات الرئاسة، الذي أكد إصراره على توحيد الجزيرة في إطار دولة اتحادية واحدة، وطالبت برفع العقوبات الدولية المفروضة على جمهورية شمال قبرص التركية التي صوت سكانها لصالح توحيد الجزيرة، لكن وبدلا من مكافأة القبارصة الأتراك على دعمهم لخطة عنان فإن الاتحاد الأوروبي قام بضم جمهورية قبرص اليونانية "جنوب قبرص" إلى الاتحاد الأوروبي وتجاهل القبارصة الأتراك في انحياز واضح لصالح اليونان والقبارصة اليونانيين.