18 سبتمبر 2025

تسجيل

أكذوبة العزة لـ غزة

23 نوفمبر 2014

حينما تقرأ أن 680 كيلوجراماً من الأدوية والأغذية والمبيدات الزراعية كان مصيرها الإعدام والحرق بسبب انتهاء صلاحيتها، فقد لا يعد هذا الخبر مثيراً لقراءته، ولكن حينما نعلم بأن هذه المئات من الكيلوجرامات من الدواء والغذاء قد أحرقت على بعد خطوات قليلة من قطاع غزة، بعد أن تكدست على معبر رفح المصري دون أن تسمح السلطات المصرية بعبورها لشعب غزة المحاصر منذ سنين، وجاءت مجزرته الأخيرة لتزيد من الحرمان والألم لتنتهي صلاحيتها وتلقى إعداماً ما كان ليقع لو سمحت مصر مبكراً بدخولها لشعب غزة، وإنقاذ حياة أطفاله وشيوخه ونسائه!..هل يعقل ذلك؟!.. هل يعقل أنه في الوقت الذي نناشد العالم الدولي تجريم إسرائيل وحث "البلاوي الملحدة الأمريكية" على تنشيط حلم الدولة الفلسطينية وكف جماح نتنياهو في استمرار بناء المستوطنات نجد من أهلنا من يساعد على قتل هذا الشعب رغم إنه إكلينكياً ميت ميت؟!!.. هل يعقل أن تلقى مثل هذه الشحنات الكبيرة من الغذاء والدواء المخصصة لشعب يقاسي ولا يزال يقاسي مرارة الحرمان وأشباح الموت في كل لحظة ووقت مثل هذا المصير رغم أنه كان من المفترض أن يتنعم به أهل غزة ولو لوقت يسير؟!.. ماذا جرى يا عرب؟!.. ما الذي جعلنا ننظر لبعض وكأننا نتآمر خفية وفي العلن على فلسطين وأهلها؟!.. لماذا أصبحت هناك مزايدة على مواقفنا العربية التي يجب ألا تختلف في قضية فلسطين؟!!.. هل من المعقول أن تطالعنا الصحف بمثل هذه الأخبار المخزية في الوقت الذي رصدنا فيه جهوداً لمنظمات إنسانية أجنبية لمساعدة غزة وإعمارها؟!!.. هل من المفترض أن نقف عند أسباب مصر في منع دخول هذه المساعدات الزهيدة ونقتنع بها في الوقت الذي يقف فيه نواب مصريون وأساتذة ومثقفون أحرار لم يستسلموا لمخططات الانقلاب يطالبون السيسي بفتح المعبر دائماً وألا يغلق تحت أي أسباب نراها تصب في صالح الإسرائيليين وأمنهم؟!!.. ألا تشعرون بالقهر والأسف وأنتم تعدمون هذه الكمية التي تعد ضئيلة أمام احتياجات شعب غزة الكبيرة والكثيرة في الوقت الذي كان يجب إيصالها لأصحابها منذ وقت وصولها للمعبر إيذاناً بدخولها غزة؟!!..تباً كيف تفكرون وأي حجج تسوقونها للتبرير بل أي عقول ستصدقكم وأنتم بحاجة إلى عقول أكبر لاختراع حجج أكثر إقناعاً؟!!. وللأسف إن وقت الإعدام السافر هذا يأتي في الوقت الذي كان يأمل فيه الناشط والنائب البريطاني البطل جورج غالاوي بعد صعوبات وعراقيل وضعتها الحكومة المصرية لإفشال مهمته في إنجاح إدخال شحنات غذائية ودوائية امتداداً لحملته الإنسانية (شريان الحياة) والمخصصة لإنقاذ شعب غزة تقدر بملايين الدولارات بجانب أكثر من 200 شخص أمريكي يتضامنون مع المأساة التي يتعرض لها شعب غزة عبر معبر رفح الذي يأمل غالاوي ألا يصطدم بالروتين والعقلية التي تحرس أمن إسرائيل وليس مصلحة شعب غزة كما أصبح يقال للأسف!!.. (وأزيدكم من الشعر بيتاً) حيث سيرافق غالاوي الشجاع عدد من اليهود خاصة من جماعة "ناطوري كارتا" المعادية للصهيونية والتي يضع أعضاؤها على صدورهم شعار "أنا يهودي ولست صهيونياً" و"تحيا فلسطين"!.. فماذا تريدون أكثر من هذا ياعرب؟!.. ماذا تريدون والمساندة تأتي من مسيحيين ويهود؟!..ماذا تريدون والنصرة تأتي من أبناء الإنجيل والتوراة بينما أبناء القرآن يعدمون الغذاء والدواء على مرآى من أهل غزة وكانهم يقولون لهم متى ما أردنا أعطينا ومتى نشاء نمنع؟!..بالله عليكم ألا يصيبكم نوع من الحرج؟!.. نوع من فوران الدم مثلاً — طبعاً هذا في حال وجود الدم من الأساس —؟!.. ماذا تريدوننا أن نقول وكل الأفواه الشعبية تصمت حينما تأمر الحكومات العربية؟!.. ماذا نقول وقد تعودنا — والفضل يعود لكم في هذا — إنكم ترون مالا نراه نحن الجماهير البسيطة التي تطالب بعواطفها بينما أنتم تتوقفون لدراسة كل المعطيات بالورقة والقلم والمباحثات والاتصالات واللقاءات والاجتماعات والمبادرات والمسألة أبسط من كل هذا والله!.. أبسط من أن أرهن مصير دولة فلسطينية وحياة شعب على مزاجية كل رئيس حكومة إسرائيلية يتقلد منصب رئيس وزراء إسرائيل.. أبسط من أنتظر أي رئيس أمريكي (معتدل) يدخل البيت الأبيض ويتسلم مهمة قيادة العالم ويتلطف بنا (ويا تصيب ولا تخيب)!.. أبسط من أن ينظر كل منا لنفسه قائداً بينما هناك في الأرض المحتلة شعب يتعرض للفناء على بكرة أبيه.. أبسط من أن نتآمر بينما الأفواه الغزاوية مفتوحة للدواء والغذاء أو لأكفان بيضاء تستر ما تبقى من الأجساد!.. المسألة مسألة إحساس بألم غزة وشعور بحرمان غزة وتصديق بأن العروبة ليست تشريفاً بقدر ماهي تكليف لأداء ما تتطلبه من احتياجات وأمور تثبت أن العروبة تعني إحساسا بالنهاية، ما أكثر الذين يفقدون الإحساس في هذا الزمن!.. فبالله عليك يا غالاوي هل من الممكن أن تعيرنا (رشة جريئة) من الإحساس بس!!فاصلة أخيرة:يعيبون علينا بما هو لا دليل عليه.. وننتقدهم فيما هو ثابت عليهم.. وما بين العيب والانتقاد أن الأول يظل عيباً يفتقر صاحبه لمعنى التربية والأدب.. بينما الثاني يدل على أن التهذيب غلاف أنيق له!!..