28 سبتمبر 2025
تسجيلمكتبة قطر الوطنية التى دشنت مشروع اطلاقها سمو الشيخة موزا بنت ناصر حرم حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والتى تعد صرحاً مستقبلياً للثقافة والفكر والفن والتراث ليس فى منطقتنا العربية فقط بل فى العالم أجمع، حيث ستنضم الى قائمة المكتبات العالمية المهمة مثل مكتبة الكونغرس ومكتبة الأمم المتحدة (داغ همرشولد )، ومكتبة بودلين كبرى مكتبات جامعة أوكسفورد ومكتبة السربون وغيرها من مكتبات، فى مد الباحثين والدارسين بعصارة الفكر الإنسانى ونتاج المعرفة البشرية المتراكمة، وتتيح كذلك للمهتمين بدراسة تاريخ وتراث المنطقة الاستفادة من الكنوز التى تضمها، بما تعتمده هذه المكتبة من تقنيات عالية وبمعايير عالمية حديثة جعلت من المعرفة رديفاً للمتعة والتسلية. فالمكتبات كانت ومازالت منذ الحضارات الإنسانية الأولى ومنذ نجح الإنسان فى تعلم تحويل مفرداته الى رموز ومن ثم حروف وأرقام وهى وسيلة البشرية فى حفظ ونشر المعرفة والفكر. وترجع أولى المكتبات المعروفة فى التاريخ الى عهد الإمبراطورية الآشورية التى يقال إن ملوكها اعتنوا بالمكتبات، ومنهم الملك سرجون الآكادى الذى بالرغم من مغامراته العسكرية أنشأ مكتبة واسعة، ويؤكد المؤرخ جيمس برستد ان مكتبة اشور بانيبال هى اول مكتبة منتظمة وجدت، وضمت زهاء مائة الف رقيم طينى هى خلاصة الحضارة البابلية والآشورية وكانت أشبه ما تكون بمكتبة وطنية جمعت تراث وادى الرافدين باكمله وفاقت جميع المكتبات القديمة تنظيما. ومن أولى المكتبات العظيمة التى تحدّث عنها المؤرخون باعجاب يصل لدرجة الاجلال مكتبة الاسكندرية التى تعد أقدم مكتبة حكومية عامة مفتوحة للدارسين والباحثين فى العالم القديم، وبالرغم من ظهور مكتبات المعابد الفرعونية فى مصر قبلها إلا انها كانت حكراً على الكهنة فقط. وحوت مكتبة الاسكندرية كتب وعلوم وفلسفة الحضارتين الفرعونية والاغريقية، وبين جنباتها حدث المزج العلمى والالتقاء الثقافى بين ثقافة الإغريق الغربية وثقافة مصر القديمة، ويقال ان عدد الكتب والمخطوطات فيها تجاوز السبعمائة ألف. كما يعد بيت الحكمة الصرح الشامخ فى الحضارة الإسلامية الذى يعزى الفضل له برعاية المترجمين وأصحاب الفكر والأدب والعلم الذى يعتبر أول جامعة بالمعنى العلمي، وأحدث افتتاحه ورعايته نقلة حضارية كبرى بفضل الترجمات التى تمت بين جنباته لكتب الفلاسفة والمفكرين الأغريق والفرس والسريان وغيرهم، بالاضافة لمئات الآلاف من الكتب القديمة والمترجمة والمؤلفة التى ضمها بيت الحكمة، وكان بحق مركزاً ثقافياً متكاملاً بمعايير عصرنا الحديث. فالمكتبات كانت وماتزال مراكز اشعاع وعلم اغنت الحضارات الكبرى بعصارة الفكر الإنساني.