21 سبتمبر 2025

تسجيل

الجيش المصري لن يتنازل عن منصب الرئيس

23 نوفمبر 2011

تأتي التظاهرات المليونية التي جرت في مصر يوم 18 نوفمبر في إطار الصراعات السياسية بين القوى السياسية بما فيه سلطة الأمر الواقع التي يمثلها المجلس العسكري الذي سعى منذ تسلمه السلطة بعد تنحي الرئيس حسني مبارك في فبراير الماضي لضمان نصيب له في مساحة التأثير على النظام الجديد. سعت المؤسسة العسكرية إلى تحقيق هذا الهدف عبر مراحل مختلفة، كانت المرحلة الأولى مع بيانه الأول الذي أعلن فيه شرعية مطالب الثورة وتعهده بعدم استخدام القوة ضد الثوار تحت أي سبب من الأسباب. وبهذا ضمن أن يصبح في نظر الثوار حامي الثورة الذي وقف إلى جانبها وضد النظام الحاكم الذي هو في حقيقة الأمر جزء أساسي منه إن لم يكن هو الجزء الأكبر. فمعروف أن المؤسسة العسكرية كانت طوال الستة عقود الماضية تحكم ولا تدير بمعنى أن السيطرة الفعلية على الحكم كانت له. ثم جاءت المرحلة الثانية بعد نجاح الثورة في تنحية رأس النظام حيث سعى المجلس العسكري إلى محاولة احتواء الثورة عبر التفرقة بين القوى السياسية التي توحدت خلال مرحلة الثورة معتمدًا على أسلوب التقريب والإبعاد لتلك القوى فقام بتقريب القوى الإسلامية لضمان تمرير التعديلات الدستورية، وعندما تحقق له ذلك قام بإبعادهم وتقريب التيار العلماني لطرح مبادرة الدستور أولا التي أشعلت الساحة السياسية وأفقدت الثورة أهم مصادر قوتها المتمثلة في الوحدة بين قواها المختلفة. وعندما فشلت هذه المحاولة التي أخذت كثيرا من وقت وجهد القوى السياسية المختلفة ظهرت مبادرة أخرى وهي مبادرة المبادئ فوق الدستورية التي أعادت الساحة السياسية إلى مرحلة التشظي مرة أخرى. وفي تلك الأثناء كان المجلس العسكري يقوم بتثبيت أركان وجوده المباشر في السلطة عبر اللعب بملفي الأمن والاقتصاد حيث تزايدت أعمال الانفلات الأمني داخل المجتمع بشكل كبير دون وجود مواجهة حقيقية لها من قبل الجيش وكذلك الأمر بالنسبة للحالة الاقتصادية التي أثارت انتباه المحللين حيث اتجهت كافة المؤشرات للتأكيد على أن الاقتصاد المصري في حالة انهيار كامل. طبعا كان هدف المجلس من خلال اللعب بهذين الملفين هو إيصال رسالة للقوى السياسية والمجتمع أنه الوحيد القادر على حسم هذين الملفين المهمين في حياة الناس لكن هذا الحسم لن يكون من دون مقابل والذي يتمثل في ضمان مصالحه الاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية، وهذا لن يتم من دون حصوله على نصيب مهم من السلطة الجديدة. وهنا بدأت المرحلة الثالثة القائمة على وضع أسس التفاوض مع القوة التي سوف تسيطر على البرلمان القادم عبر امتلاك أوراق قوة للضغط عليها لمنحه ذلك النصيب من السلطة الذي يرغب به. فجاءت وثيقة السلمي التي لم تكن سوى بالونة اختبار لرد فعل القوى السياسية خاصة جماعة الإخوان التي يتوقع سيطرتها على البرلمان القادم، وأيضا لاختبار رد فعل طوائف الشعب المختلفة التي رفضت الوثيقة شكلا ومضمونا. ورغم أن جماعة الإخوان أرسلت رسائل متعددة للمجلس العسكري بأنها لن تبخل عليه بنصيب من السلطة لكن دون أن تتحول المؤسسة العسكرية إلى مؤسسة أعلى من باقي مؤسسات الدولة لها وصاية عليها. وكان من ضمن هذه المؤشرات الفيديو الذي قام بتمثيله أحد شباب الإخوان وتم نشره على شبكات التواصل الاجتماعي والذي يدور حول وثيقة السلمي والذي أطلق عليها المبادئ فوق العطعوطية مطالبا المؤسسة العسكرية التي أطلق عليها اسم عطعوط ألا تطمع في كامل السلطة وأنه يمكن إعطاؤها جزءًا منها لكن تحت وصاية الشعب وممثليه. أصبح واضحا الآن أن الإخوان يمكن أن يسمحوا بوصول رئيس قريب من المجلس العسكري مقابل أن يساعدهم في عملية بناء النظام الجديد دون مشاكل - خاصة الأمنية منها - عبر المساعدة في السيطرة على الأجهزة الأمنية التي ستكون العقبة الرئيسية في بناء النظام بعد الانتخابات. فهل يوقف المجلس العسكري ألعابه والدخول في عملية بناء هذا النظام الجديد مقابل حصوله على منصب الرئيس؟!! هذا ما ستخبرنا به الأيام المقبلة