14 سبتمبر 2025

تسجيل

عبدالرحمن الراشد.. وطرح يناقض ذاته! (1-2)

23 أكتوبر 2016

عرفت الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد، من خلال كتاباته في جريدة الشرق الأوسط، منذ عقدين أو يزيد، له اتجاهه الفكري في القضايا السياسية والفكرية، وقد دخل الراشد في خلافات كثيرة مع كتاب وسياسيين، من مختلف الاتجاهات الفكرية في العقود الماضية، بسب حدة نقده في أحايين كثيرة في قضايا عديدة عرفت عنه من خلال عموده في الشرق الأوسط، فلا إشكال أن يحصل النقد، وتختلف الآراء، حول رؤى سياسية أو فكرية في واقعنا العربي، وتلك سنة إلهية، أن جعل الناس مختلفين، لكن الإشكالية أن يتحول الاختلاف في الرؤى إلى رمي الاتهامات التي تحتاج إلى أدلة ومصداقية مقنعة، ويعززها الواقع، ففي مقالته بجريدة الشرق الأوسط السعودية بتاريخ 18/ أكتوبر الحالي، والتي حملت عنوان (عمان بين الخليج وإيران)، فكان كعادته يطلق الاتهامات، دون أن تتكون لديه الحقائق التي تجعل رأيه مقبولا ومعقولا في طرحه، وقد استهل مقاله بقوله إن (عُمان دولة غامضة، مع أنه يمكن تبسيط أسس سياسة السلطنة الخارجية، على الأقل كما نفهمها، في كلمة واحدة، العزلة. حكومة مسقط اعتزلت الدخول في النزاعات الإقليمية لعقود)، وفي فقرة أخرى قال (السلطنة محظوظة بانتمائها لمجلس التعاون، المكون من أنظمة مسالمة تشاركهم حدودها البرية. وهذا لا يقلل من حكمة السلطان قابوس، الذي تمسك لعقود طويلة بسياسة النأي عن الصراعات والمحاور). والحقيقة أن عُمان لم تنعزل عن الساحة الإقليمية أو الدولية منذ تسلم السلطان قابوس مقاليد الحكم 1970، لكنها شغلت نفسها بداخلها، وهي بناء عُمان الحديثة بعد فترة طويلة من التراجع والتأخر، وهذا ما اهتم به السلطان قابوس ووضع له كل الإمكانات، لاستعاد مكانة عُمان، وتحقق لهذا البلد ما كان يتطلع إليه الشعب العماني، بما أهم من الصراعات والتوترات الإقليمية والدولية التي لم تخّلف إلا المرارات والأحقاد، وعانت منه عُمان كثيرًا، وهذا يعرفه الجميع، لكنها لم تبتعد ولم تنعزل ـ كما الكاتب عبدالرحمن الراشد ـ عن محيطها الخليجي والعربي، وما يفرضه هذا المحيط من الواجب الوطني، وعندما وقع الغزو على دولة الكويت 1990، ومن دولة شقيقة أيضًا، شاركت عًمان بقوة في حرب تحرير الكويت، وسقط لها شهداء في عملية تحريرها، وهذا ما يخالف ما قاله الكاتب، أو ما أراد أن يلمح إليه في مواقف عُمان السياسي! أما ما قاله الراشد من أن عُمان "محظوظة بانتمائها لمجلس التعاون"، فإن عُمان لم تكن البلد الطارئ على قيام هذا المجلس، فهي الدولة التي كان لها السبق في طرح الفكرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، فمن خلال اللقاء الشهير الذي عقد في مسقط 1976، الذي جمع كل دول مجلس التعاون، بالإضاقة إلى العراق وإيران فيما سمّي بـ(الترتيبات الأمنية في المنطقة، ومع أن اللقاء لم يسفر عن أي اتفاق، فإن هذا اللقاء كان بداية الدعوة لإقامة منظومة خليجية متقاربة ومتجانسة، ما يحقق لها الاستقرار والتكامل والترابط، والذي أود قوله، أن دول التعاون محظوظة بوجود عُمان في هذا، ليس العكس، وهذا ما تجسّد في حكمة السلطان قابوس في قضايا كثيرة، يدركه العقلاء من دول مجلس التعاون، وهو ما أشار إليه الكاتب نفسه عندما تحدث عن حكمة السلطان في أكثر من فقرة. ولا شك أن الكاتب لم يتعمق كثيرًا في السياسيات التي تنطلق منها عُمان، والتي ترجح في نهاية كل مشكلة تحدث ببعد نظر ورؤية واسعة، فالنهج الذي اختطه جلالة السلطان المعظم في اختيار القرار الصائب، يرتبط في أساسه بوجود معايير ترشيد يمكن الاحتكام إليها، في ظل المتغيرات العالمية.