14 سبتمبر 2025
تسجيلبدأت المدارس في إرسال مسجات لأولياء الأمور لحضور حصص المعايشة، وحصص المعايشة هذه إنما أُستخدمت استخداما خاطئا لتُعطي مفهوما غير صحيح عن حقيقة المعايشة. فالمفهوم الحقيقي للمعايشة التربوية هو كل ما يُظهره المربي من استعداد جسدي ونفسي ومعنوي ليكون قريبا من طلبته لتربيتهم والعناية بحاجياتهم وحل مشكلاتهم والارتقاء بهم ورفعهم وتحبيبهم في العلم والتعلم. أما ما يُطلق عليه حصص المعايشة فهي حصص تمثيلية يحضرها الأهل لسويعات يكون المعلم قد حضر نفسه وجهز درسه بطريقة تفوق الأيام العادية! جميع المدارس المستقلة والخاصة التي تخضع للقسائم التعليمية تنتهج منهج التعليم العالي وتأخذ بحصص المعايشة لتصبح زيارة صباحية لولي الأمر لمدرسة ابنه/ابنته لحضور الحصتين إلى الثلاث الحصص الأولى، أما الخاصة غير الخاضعة للتعليم العالي فيوم المعايشة عندهم هو يوم كامل. تذكرني هذه الحصص بفترة المدارس الحكومية عندما كانت المُعلمة تجتهد أيما اجتهاد في حضور الموجهة من أجل تقييمها وبقية الأيام تعود لحالتها المملة، بل كنا نرى ابتسامتها التي لا نراها طوال الأسبوع وكنا نتوتر كما تتوتر هي كوننا نريد أن نكون الأفضل "حتى نبيض وجهها خوفا منها لا حبا فيها". هذه الحصص من وجهة نظري:1 - لا تضيف لولي الأمر رؤية حقيقية عن المعلم وأسلوبه وطريقة تدريسه، كذلك سلوك ابنه ومدى مشاركته، 2 - تشتت انتباه الطلبة بالصف بسبب حضور أولياء الأمور ودخولهم للصف في أوقات مختلفة ووقف الحصة للتعرف على المدرس وتعريف ولي الأمر بنفسه ثم السلام على الطلبة ثم الجلوس، 3 - تزيد طلبة أخرين ألما وأسى، فهي لا تراعي التأثير النفسي لبعض الطلبة المفتقدين أهليهم سواء وهم أحياء منفصلون/ أو متوفون، فما فائدة تعبئة بيانات كل طالب عند تسجيله بالمدرسة إن لم تراع ظروفه النفسية في الاجتماعات والحفلات؟! وأذكر في هذا السياق طالبة كانت مع ابنتي في مدرستها تنظر إليّ طوال الحصة فكنت أُبادلها ابتسامة واشير لها للانتباه للدرس، ورأيت وقتها فرحة في عيني ابنتي لحضوري لصفها لم أرها من قبل. وعندما "رن الجرس" طلبت من ابنتي ان توزع على الطالبات الحلويات التي أحضرتها معي، ثم ناديت صاحبة النظرات الخاطفة وسألتها:"خذيتي كافي" قالت:"ايه"وسكتت فسألتها:"ليش ما تنتبهين للدرس؟" قالت:"انتي تشبهين أمي" فضممتها وقبلتها وقلت لها:"ما عليه المره الجاية أمج بتحضر إن شاء الله، يمكن اليوم عندها شغل واايد، ومب مهم حضورنا هنيه والاهم تصيرون شاطرين" قالت:"لا أمي ميته ما تقدر تجي" فخنقتني العبرة وحضنتها مجددا. حقا كيف لا يُراعى وضع مثل هؤلاء؟! 4 - هناك أمهات منفصلات عن أزواجهن ولسن في نفس البلد/أو بالبلد لكن ممنوعات من رؤية أبنائهن لأسباب كثيرة! فلا يستطعن الحضور. 5 -كيف ستحضر أم منفصلة/أرملة لابنها في مدرسة البنين وسط الرجال والعكس صحيح للأب وإن سُمح بذلك؟! 6 - تزيد هذه الحصص المعلم توترا، 7 - ننتهي منها بكتابة تقييم كاذب حتى لا يغضب المعلم على طفلنا. وبهذا يكون التقييم فاشلا لأن ولي الأمر: 1 - سيقيم معلما مجهزا ومستعدا للحصة ليست كأي حصه أخرى، 2 - سيحذر عند تقييم المعلم لأنه قد يرجع بالتعامل السلبي ضد أبنه، 3 - تسليم ورقة التقييم بعد كتابتها للمعلم نفسه هو خطأ آخر. 4 - ماذا سيعايش ولي الأمر في حصتين أو ثلاث؟! همسة اقتراح للمجلس الأعلى للتعليم: *اقترح عليكم في الوقت الحالي وقف حصص المعايشة التمثيلية، فالمعايشة التربوية الحق هي تلك التي تخص المعلم وطلبته، بالتقرب لهم وتحبيبهم بالعلم والتعلم. ثم دعوها تكون صادقة بفتح الباب لولي الأمر للتعايش كما تسمونه لكن في أي وقت دون علم المعلم. وتذكروا أن وجود ولي أمر في الصف يربك الطلبة ويجعلهم لا ينتبهون للدرس، كما أن معايشتكم هذه تضيق بها صدور طلبة حرموا من أهليهم وهم أحياء أو أموات. *واقتراح للمستقبل: عند بنائكم مدارس مستقبلية جديدة أن يكون بين كل فصل وآخر غرفة بها نافذة زجاجية كبيرة مخفية تطل على الصف تكون بها سماعات، يحضر بها ولي الأمر في أي وقت ليعايش يوما أو أياما وليتابع سلوك طفله مع المعلم، ثم لتكون هناك قاعة مطلة على ساحة الطلبة لمتابعتهم وقت "الفرصة" دون علم أبنائهم/المعلم، وهذا اعتبره "معايشة عن بعد" أي "حضور يوم" لتقييم المعلم ولمعرفة سلوك طفله وأدائه بالصف. دمتم في حفظ الله ورعايته