12 سبتمبر 2025
تسجيلالحوار العربي في مختلف الأصعدة عقيم ولا يصل إلى نهايات سعيدة تحترم القواسم المشتركة وترتقي بفكرة الرأي والرأي الآخر، ويمكننا بإلقاء نظرة بسيطة إلى سطح المشهد السياسي أو الثقافي أو الإعلامي أو الاجتماعي أو الديني أن نتأكد من حجم الخلل في بنية الحوار من منظوره الفكري وكونه أداة حضارية راقية ينبغي أن تعمل على إذابة الركود في وسائل التواصل بين الأفراد والجماعات. فضيلة الحوار هي الغائب الحاضر في كل التفاصيل العربية، فهناك من يدعو إليه ولا يعمل بنتائجه، وتعقد مؤتمرات وندوات ومحاضرات وورش وفي النهاية قد يصل الأمر إلى اختلاف يزيد من الأزمة موضوع التحاور، وكلنا يذكر كثيرا من الوقائع السياسية والإعلامية لحوارات بين طرفين عربيين انتهت إلى السباب والشتائم والعراك في مفارقة غريبة لا تليق بما ينبغي أن ينتهي إليه الحوار. أسوأ أشكال الحوارات هي تلك التي تتم سياسياً ودينياً وإلى حد ما اجتماعياً، دائماً هناك نقاط اختلاف قوية بين طرفين أو أكثر، وبدلاً من إذابتها ومعالجتها وتسويتها يتم العمل إرادياً أو لا إرادياً على النفخ فيها بصورة سلبية تؤكد أننا في أزمة حقيقية لا نحترم فيها بعضنا، وطالما أن هناك اختلافا فدائما هناك حاجة للحوار من أجل تسوية أي قضايا أو ملفات عالقة، فتلك التسوية استحقاق لا يتم إلا بالحوار وليس شيء غيره، ويستتبع ذلك بعض التنازلات من هنا وهناك من أجل أن تمضي المسيرة ولا تتوقف عند مشاعر الغبن والهمز واللمز. حين نتعامل مع الحوار بذات المبدأ الحضاري في تحقيق مقاربات فكرية بين الأطراف، حينها يمكن أن ننجح في تسوية خلافاتنا، أما والحال على ما نرى فإننا نجعل من الحوار وسيلة لمواجهة سلبية تزيد من أزماتنا وتعيق أي تطور في حراكنا، وحين يرفض طرف ما مثل هذه الأداة فإنه يستبد برأيه ويجعل الحلول عصيّة لأي معالجات موضوعية يستهدفها الحوار. والسؤال.. هل نحن قوم أو أمة لا تجيد الحوار وفنونه؟ من واقع ما نرى يمكن الجزم بأن نقاشاتنا وتبادلنا للأفكار ما هي إلا استهلاك للكلام وعلكه كما نعلك العلكة بعد انتهاء غرضها نلقي بها في سلة النفايات، ولذلك يمكن أيضا تفسير كثير من مشكلاتنا المزمنة التي تقف بلا حل، محلك سر.