31 أكتوبر 2025
تسجيلبعد مرور عامين على الانقلاب الأسود الذي حول حياة اليمنيين إلى جحيم وسرق دولتهم وهرب كل أموالهم والاحتياطي النقدي من العملات الصعبة والذهب إلى كهوف مران، استيقظ الرئيس عبد ربه منصور هادي من سباته وأصدر قرارا بنقل البنك المركزي من العاصمة الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين إلى عدن العاصمة الاقتصادية التي رغم أهميتها الإستراتيجية قبل الانقلاب وبعد اندحار الحوثيين من شوارعها إلا أنها تركت نهبا للجماعات المنفلتة إلى درجة أصبح العيش فيها حلما وهو ما أدركته الحكومة الشرعية التي ظلت متمسكة بالإقامة في فنادق الرياض وتنظر للتطورات في بلادها من برج زجاجي لأن المناصب الوزارية أصبحت برأي كثير من المتابعين عبارة عن هدايا لأصحاب الحظوة الذين لا يفكرون مطلقا بالمقتضيات الأخلاقية والوطنية لهذه المناصب ليكونوا إلى جانب من كلفوا بتقديم الخدمات التنموية والإدارية لهم. منذ أن خلد الرئيس هادي إلى الراحة والاستجمام في فنادق الرياض وهو يتخذ قرارات بعد خراب مالطة كما يقال، لم ينم إلى علمي قرار حكيم اتخذه هادي ربما لأنه يعتمد على بطانة سوء تزين الأخطاء وتستمرئ خلط الأوراق وإطالة أمد الحرب، وإلا لماذا أصدر الرئيس هادي قرارا خطيرا بشأن البنك المركزي في هذا الوقت بعد مرور عامين على انقلاب الحوثيين والرئيس المخلوع صالح على كل مؤسسات الدولة ونهب كل محتوياتها ومنها البنك المركزي أهم مؤسسة سيادية على الإطلاق، كان البنك المركزي عند سيطرة الحوثيين على صنعاء يتوفر على 5.2 مليار من العملات الصعبة والذهب أما اليوم وبعد صدور قرار الرئيس بتعيين محافظ جديد ونقل البنك إلى عدن فإنه لم يعد يتوفر إلا على 700 مليون دولار أما الذهب فقد تحول إلى كنوز ربما دفنت في كهوف مران حيث يقيم عبدالملك الحوثي وريث بيت النبوة كما يدعي والوسيط بين اليمنيين المقهورين وبين السماء، ولذلك فقد وجه الدعوة إلى المقهورين بضرورة التبرع بخمسين ريالا أو أكثر لدعم أطلال البنك في صنعاء وهي دعوة أثارت استهجان الناس الذين يعلمون أن هذا الزعيم الروحي يفتي في الاقتصاد بينما لا يحمل أي مؤهل علمي يخول له التحدث عن اقتصاد أفتى هو في السابق بتخريبه وتخريب البلاد.كان الحوثيون والرئيس المخلوع يتحملون مسؤولية اقتصادية تجاه موظفي القطاع العام بضرورة صرف الرواتب الشهرية وكانوا يتخوفون من اندلاع ثورة شعبية تجتث حماقاتهم إذا ما أعلن البنك السيادي إفلاسه بسبب السطو الممنهج على كل خزائنه، لكن قرار الرئيس هادي جاء بالنسبة لهم في الوقت المناسب ورفع عن كاهلهم عبئا ثقيلا، وجعلهم في حل من أمرهم وأصبحت كل ممارساتهم اللا أخلاقية في حق اليمنيين في خبر كان وطي النسيان دون حساب ولا عقاب، أما الحكومة الشرعية وهي التي تغرق في الفشل الذريع فسيكون عليها دفع رواتب الموظفين في كل اليمن وسيكون عليها تسديد خدمات الدين الخارجي التي تبلغ شهريا 40 مليون دولار وخدمات الدين الداخلي الذي يبلغ تريليون ريال يمني. يتساءل الكثير من اليمنيين عن سبب هذا القرار المتأخر جدا الذي ربما قدم خدمة كبيرة للمعسكر الانقلابي وحمل حكومة هادي تبعات ثقيلة؟ لماذا تركت الحكومة الشرعية البنك المركزي حتى وصل إلى هذه النتيجة الكارثية؟ لماذا ظلت الحكومة الشرعية تتغاضى عن العمليات المالية غير القانونية التي تنفذها جهات انقلابية؟ لماذا ظلت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ترفض عملية نقل البنك المركزي إلى عدن؟ ولماذا وافقت هذه المرة بعد أن تم نهب كل أمواله؟ هل هناك تواطؤ من نوع ما بين الولايات المتحدة والانقلابيين؟ وهل ستستجيب المؤسسات المالية النقدية لهذه الخطوة؟ وكيف سيكون وضع الريال اليمني؟ وهناك سؤال على درجة كبيرة من الأهمية وهو كيف ستتعامل الحكومة الشرعية مع هذا الواقع الجديد وهي لم تعمل على استتباب الأمن في عدن ولم تفرض سيطرتها على سواحل ميدي ومنطقة باب المندب التي ستظل شريانا ماليا يغذي الحوثيين وحليفهم؟ وبغض النظر عن مدى صحة أو خطأ قرار نقل البنك المركزي إلى محافظة عدن إلا أن هذه الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة وتحديات كبيرة ونتائج كارثية إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه وتأخر الحسم سياسيا أو عسكريا وربما نصل إلى وضع أشبه بوضع الضفة الغربية وقطاع غزة عندما يتظاهر الموظفون نهاية كل شهر للمطالبة بدفع رواتبهم فتتدخل جهات دولية وتتبرع بدفع الرواتب ولكن في اليمن ربما يكون الوضع أخطر بكثير.