13 سبتمبر 2025

تسجيل

تراجع سوداني من سد النهضة الإثيوبي!

23 سبتمبر 2015

ماذا حدث في الأشهر الأخيرة في السودان بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي تحمس له السودان الرسمي وعلماؤه للوهلة الأولى زاعمين أن السد لا يسبب ضررا للسودان من بعيد أو من قريب. بل يرفد السد السودان بمزايا ومنافع كبيرة أقلها الكهرباء الرخيصة. وكان الموقف السوداني ذاك نقيضا للموقف المصري الذي ظل ينبه على مخاطر منظورة في المستقبل المنظور على مصر والسودان على حد سواء. حكومة السودان تعامت عن كل ذلك ورأت أنه لا ناقة للسودان ولا جمل في التعارك الدائر بشأن السد الإثيوبي بين مصر وإثيوبيا. وأعلنت التزام الحياد بين الطرفين وهو الموقف الذي أغضب الشارع والإعلام المصري الذي كال انتقادات حادة للسودان خرجت عن المألوف الدبلوماسي في تعبير الدول والحكومات عن خلافاتها. التزم السودانيون حكومة ومعارضة موقف العلماء المختصون وأهل العلم من بينهم. ولم يستجيبوا للاستفزازات الإعلامية المصرية الا بقدر يسير. ولوحظ موقف وزارة الخارجية السودانية الرزين من الخلاف بين البلدين حين قالت إن السد الإثيوبي لا يشكل أي ضرر للسودان. وأن السودان حريص كذلك على أن لا تتضرر شقيقته الكبرى مصر من قيام السد الإثيوبي. لكن الإعلام المصري المنفلت العواطف بطبعه هاجم الموقف السوداني وأسهب في التهكم . وزعم أن السودان يريد أن يلوى يد مصر في موضوع السد الإثيوبي حتى تتخلى مصر له عن مثلث حلايب وشلاتين وابورماد. وزير الإعلام السوداني طلب من مصر أن تكبح جماح إعلامها حتى لا يتمادى في استفزاز مشاعر السودانيين أكثر من هذا. وكان تصريح وزير الإعلام السودانى هو أول إشارة على نفاد صبر السودان آزاء حملة الإعلام المصرى ضده. معروف تجذر الثقافات الفنية السودانية في الوجدان الإثيوبي أكثر من تجذرها في الوجدان المصري. ويستطيع السودان أن يستثمر هذه الحميمية الإثيوبية لصالح تواصل امتن بين الأمم الثلاث بعيدا عن سلوكيات الاستعلاء والبطر والتهكم والاستفزاز لمجرد الاختلاف في وجهات النظر. ورأى الكثير من السودانيين أن حكومتهم وقفت الموقف الصحيح من قضية السد الاثيوبى. والتقى معها في موقفها هذا حتى معارضوها الكثيرون في داخل السودان وخارجه. وهو إجماع نادر لم تحصل عليه الحكومة السودانية منذ ربع قرن من الزمن بسبب الاستقطاب الحاد الذي ظل يسود علاقتها مع شعبها الذي يرى أن حكومته تتعامل معه فقط بالقبضة الأمنية. ولكن تطور جديد حدث في النظرة السودانية لمشروع سد النهضة في الأسابيع القليلة الماضية. حدث ذلك عندما نشر وزير الري السوداني السابق المهندس كمال على معلومات سرية عن اعتراضاته القوية على موافقة السودان على قيام سد النهضة بطاقة تخزينية تبلغ 74 مليار متر بدلا من 11 مليار متر مكعب فقط اوصت بها دراسة أمريكية أكثر كفاءة. الوزير السابق كان قد قدم اعتراضاته في شكل مذكرات مكتوبة لرئيس الجمهورية ونوابه في حينها. واعتبر موافقة السودان على قيام السد بالشكل الحالي كلرثة قومية. هذه الكارثة كان قد حذر منها الخبراء المصريون الذين وتوقعوا أن يختفي السودان من على ظهر البسيطة إذا انهار السد في يوم من الأيام. الآن تتجمع واجهات علمية كثيرة خلف موقف وزير الري السابق اعتراضا على التجهيزات الإثيوبية الجارية وعلى تأييد السودان لقيام السد قبل إجراء الدراسات الكافية كأنهم يقولون إن موافقة حكومتهم على قيام السد بشكله المقترح الحالى بأنه عمل متسرع. موقف الخبراء السودانيين الجديد هذا سيبهج الجانب المصرى ويغضب الجانب الإثيوبي. صحيح أن الموقف السوداني الجديد ينطبق عليه المثل الشهير: الجس بعد الذبح لأن الإعلان عنه تأخر كثيرا. ولأن إثيوبيا قد قطعت شوطا بعيدا في التنفيذ. من يتراجع. يبدو أننا مطالبون بالانتظار القلق. السؤال الكبير هو لماذا تكتمت الحكومة السودانية على اعتراضات هذه النخبة من العلماء في المقام الأول.