15 سبتمبر 2025

تسجيل

الظروف أبعدتكم عنا

23 سبتمبر 2012

عندما تتحكم الظروف في علاقاتنا مع من هم حولنا، وتفرض نفسها علينا ثم نخضع بالتقصير لمن احببناهم بصدق، هنا تمر امامنا السحب التي تأبى ان تمطر علينا، تقف على رؤوسنا وقفة جامدة، نشعر بعدها اننا فعلاً بدأنا نفقد الكثير من اصحابنا وهم بلا تردد يرددون (ظروفنا تحكم فاصبروا علينا). من منا لا يمر بظروف عصيبة، ومن منا لا يُقدر الناس، ولكن ان تجاوز التقصير (الحدود المعروفة)، وان تجاوزت الظروف (الحد المعقول)، نرفع اعلامنا لنخرج من حياتكم، فلا نريد ان نكون عثرةً بينكم وبين ظروفكم، ليس لديكم الوقت الكافى لتسألوا عنا، ولا توجد بين حوزتكم صبر لتسمعوا لمعاتبتنا لكم، إذن لنقفل ملف معرفتنا ونضعها بين الارفف عل الغبار يتمركز عليه ويبني العنكبوت بيته على ملف علاقتنا. كم مؤلم ان تعتاد على اشخاص وفجأة تجدهم تحت مسمى الظروف يبتعدون عنك شيئاً فشيئاً، كم مؤلم ان تركض واراءهم من اجل ان تسمع منهم كلمةً طيبة، والمؤلم اكثر انهم لا يضعون لمحبتك اي اعتبار، ومؤسف ان يُقابلوا حبك لهم بالتهرب تحت وطأة الظروف، وما ان نبدأ نعتاد على غيابهم يفاجئوننا بالرجوع مرة اخرى (نعتذر لكم فنحن لا نركض وراء الطيور المهاجرة). لكل منا ظروف لكن قليلا ونادرا نجد من يضع ظروفه جانباً ويخصص وقتاً لاحبابه، هذا النوع اصبح نادراً فإن وجدته بزمننا هذا.. فاستمسك به لانه معرضُ للانقراض. كلنا ننشغل ولا نترقب الابتعاد، وما أن تحين تلك الساعة التي نلم فيها بقايا ذكرياتنا، ونحزم امتعتنا لنودع من تركونا وابتعدوا عنا بالتدريج وتحت معنى الظروف جعلونا ننتظرهم لكن بلا فائدة، ولوحت لهم ايدينا وقلناها الوداع، هذه الساعة تكون كالسيف الحاد على قلوبنا لكن ما الفائدة ان كانت هي الطريقة الوحيدة التي نملكها، فإن هبت الرياح وجارت الايام وكتبت الاقدار فستكون لنا عودة، وان لم تكتب لنا ذلك سنبقى ذكرى طيبة نُقشت على جدران قلوبكم اجمل لحظات جمعتكم بنا. ان الابتعاد كُتب للطبيعة الانسانية، وما كتب لهم ذلك الا لما فيه خير لهم، فمثلاً بالامس كُنا نعاتب اصحابنا بقلة سؤالهم عنا، واليوم نجدهم فعلاً لا يفتقدوننا، من هنا نجد ان الابتعاد جاء في وقته المناسب ويمثل راحة لكلا الطرفين. ان ما كان يمحو ضجر ايامنا وتعب ليالينا هو وجودكم بجوارنا، وان الذي كان يخفف عنا ألم ماضينا هو سؤالكم علينا دوماً، وما ان حالت الظروف بيننا وبينكم، وابتعدتم عنا، رجع صدى صوتنا ليذكرنا ان لكل قصة نهاية، ولابد ان نوقع على نهاية قصتنا، لكن تبقى الحسرة تنادي ليت كل (النهايات تكون جميلة كالبدايات). نقطة: لا شك ان الدمعات لا تنسى وجنتينا، وان الضحكات قد تغادرنا لفترة، وان ايامنا تلبس اللون الاسود، وكل جميل لا نراه طيباً، ثم لا نشعر في صباحنا بجمال تغريدة العصافير، فقد اعتادت اسماعنا ان تكونوا اول من يقول لنا (صباح الخير)، ولكن كل ذلك سيكون لوقتٍ محدد ثم يزول، ويتبدد الظلام ليحل النور، ويلبس يومنا الوشاح الجميل، لكن لننتظر فترة فالغد يحمل طابع الجمال، وبين جوانح الليل نجد نجوماً متلألئة، وعند السواحل نسمع صوت البحر الخلاب، والايام الجميلة بإذن الله تدل طريقها نحو صفاء قلوبنا. فاصلة: لكل من يتهرب تحت مسمى الظروف (سيأتي اليوم الذي تقول) ليت الظروف لم تفرقني عن صحبة من كان بالقلب موجودا. لحظة: لن ننساهم ابداً فهم كانوا عطر وجودنا، ولن ينسونا لاننا وبكل ثقه كنا عنواناً لحياتهم، وتبقى كلمتنا ( الحمد لله على كل حال) هي تشرح اوضاعنا بدونهم.