13 سبتمبر 2025

تسجيل

عبد الحميد دشتي ومجلسه الطائفي الأعلى ؟

23 أغسطس 2013

مفاجآت وحركات الرفيق الفريق الدكتور النائب البرلماني الكويتي السابق والمبطل السيد عبد الحميد دشتي أكثر من أن تختفي أو يخف بريقها أو يغادرها بريق البهرجة الإعلامية!، فهو على ما يبدو مغرم كثيرا بحكاية أن يظل ملء الدنيا الكويتية وشاغل ناسها، فهو إضافة لمواقفه المثيرة والمعروفة من عدد من القضايا الإقليمية الحساسة والمتفجرة، كالموقف من حملات التخريب الإيرانية في البحرين، والموقف من ممارسات الميليشيات الطائفية العراقية، وموقفه الأكبر في دعم سفاح الشام بشار المجرم! وحركته الشهيرة برفع الدستور السوري الجديد تحت قبة مجلس الأمة الكويتي في العام الماضي، وقضايا خلافية كبرى أخرى بعضها يمس صميم الأمن الوطني والقومي الكويتي والخليجي، يأتي اليوم ليطرح بعد هزيمته الانتخابية الأخيرة ملفا متفجرا وحساسا وهو بمثابة تيار صاعق لا يجوز الاقتراب منه أو مداعبة ثعابينه بخفة واستهانة وهو الملف الطائفي الرث بشكله التقسيمي ومؤثراته التي تمس صميم الوحدة الوطنية ليس في الكويت فقط بل في عموم مجتمعات الشرق القديم المتوترة هذه الأيام والمشتعلة بشظايا صراعات وملفات بعضها يعود للأسف لعصر الفتنة الكبرى قبل خمسة عشر قرنا من الزمان!، وكأن مصائب وهموم وشجون المنطقة لم تعد تكفي ليأتي الرفيق المناضل عبد الحميد دشتي ليطرح موضوع ما يسمى بتشكيل مجلس أعلى للطائفة الشيعية في الكويت والإعداد لانتخاب الأمانة العامة لذلك المجلس!! ورغم أن هذه الدعوة قد ولدت ميتة لمنافاتها محاكاة الواقع الكويتي ولاصطدامها برفض جمهور وأعيان ورموز شيعة الكويت لها ولصيغتها، إلا أنها في البداية والنهاية تعبير فظ عن أسلوب شحن طائفي وتحصين وحفر لمواضع ومواقع تخندقات طائفية ليس لها محل من الإعراب في الكويت، فالكويت منذ أن نشأت قبل ثلاثة قرون لم يكن حكامها يفرقون بين أبناء الشعب وطوائفه ومعتقداته وظلت هذه الحقيقة الراسخة والمعاشة بعد تبلور وظهور الدولة الوطنية عام 1961 والتي كانت دولة دستورية مدنية تنظر للشعب الكويتي بعين واحدة ورؤية واحدة وموقف واحد وفق مفهوم الأسرة الكويتية الواحدة والمجتمع الواحد المنسجم المتآخي والعصي على القسمة والتشطير، وقد خاضت الكويت كل تحدياتها الوجودية تحت هذا العنوان الجامع المانع، فمعركة الجهراء الحاسمة عام 1920 لم تكن خاصة بطائفة دون غيرها بل كانت جامعة لجميع الكويتيين بنتائجها التي رسخت صمود الشعب واعتزازه باستقلاليته وتمسكه بشرعيته، كما أن الغزو العسكري العراقي عام 1990 لم يكن يوجه رصاص غدره لصدر كويتي دون آخر، بل اتحد جميع أبناء الكويت تحت مظلة الشرعية الدستورية ليبنوا الانطلاقة الكويتية الثانية وليجهضوا مخطط الضم والإلحاق وإنهاء الهوية الوطنية الكويتية المستقلة، ولم يكن الشيعة في الكويت في أي مرحلة من مراحلها يعيشون في (غيتوات) مغلقة أو يعانون من عزل وتمييز عنصري وطائفي بل كانوا في قلب المعادلة الحياتية والسياسية في الكويت ويتمتعون بحرية يحسدهم عليها أقرانهم في إيران ذاتها!! ويتمتعون بحقوق المواطنة في دولة رفاهية أعدت لأهل الكويت جميعا، فمنطق التفريق الطائفي ليس له وجود لا في ماضي الكويت ولا حاضرها، فإن تكن كويتيا فهذا يعني أن تكون حرا ومتخلصا من أية عقد أو أوهام أو تصورات مريضة، وطبعا لم نفاجأ برفض غالبية شيعة الكويت لمشروع الرفيق عبد الحميد دشتي التقسيمي الذي يأتي في الزمان الخطأ والمكان الخطأ والتقدير الخطأ!!، ففي الكويت لا وجود سوى لمجتمع كويتي واحد ملتف حول شرعيته يتسامى على الطوائف والملل والنحل، ومن الكويت بالذات انطلقت دعاوى وأفكار العمل الوطني والقومي العربي وهي بالتالي ليست مشروعا طائفيا تقسيميا خاضعا لأي فئة أو ملة أو مذهب، لقد ارتضت الكويت أن تكون عربية مسلمة بحكم الواقع وارتضى شعبها الانضواء تحت مظلة وحكم آل الصباح الذين ينظرون لجميع الكويتيين نظرة واحدة ويقفون منهم مسافة واحدة دون إقصاء أو تهميش لأحد، ولا أدري لماذا يذكرني اقتراح الرفيق دشتي بتسمية (المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق)!! وهو التنظيم الطائفي العراقي الذي اقترحه وأسسه الخميني ليضم أتباعه ونظامه من العراقيين الذين ركبوا في قارب المشروع الطائفي!! وهم اليوم يحكمون العراق بفعل الحذاء الأمريكي! رغم الفوارق الكبرى بين الحالتين الكويتية والعراقية!!.. لا مكان في الكويت أو في الخليج العربي لأي عمل أو تجمع (شبيحي) طائفي!، فالكويت وعموم الخليج العربي ليست مشروعا طائفيا للتقسيم والصوملة والعرقنة! أو أنها مادة للعرض في سوق النخاسة الدولية، الكويت ودول الخليج أكبر من ذلك بكثير وأسمى من أن تختزل في دعوات طائفية ضيقة من هذا الطرف أو ذاك... فالكويت الحرة المستقلة العربية الوجه واليد واللسان هي الكويت التي تبقى أو تزدهر وتنطلق وتبني وتعمر، أما من يريد التقسيم المجتمعي والطائفي فليحفر مواقعه بعيدا في بلاد ما وراء النهر، فأوهام وفذلكات وخرافات التقسيم والقسمة لا وجود لها أبداً في الأرضية الكويتية الحاضنة لكل ما هو إيجابي والطاردة لكل ما هو مثير للشبهات، "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"، وستظل الكويت بشعبها الحر وأميرها الشامخ وطنا للنهار وطودا يمزق نياط قلوب الحاقدين... إنها دعوات تقسيمية مريضة ليست سوى زوبعة في فنجان! وهي بالتالي تثير الشفقة والغثيان أيضا!!