17 سبتمبر 2025

تسجيل

مدينة بلا مجمّعات تجارية

23 يونيو 2012

فجأة وبدون مقدّمات وربما لحرص القيادة السياسية الحكيمة التي تتّخذ إجراءات حاسمة ورادعة تجاه أي شيء يضر بالصحة والسلامة لصالح المواطنين والمقيمين في بلادنا العزيزة قطر الخير، استنادا وانطلاقا من تجربة الحريق المؤلم الذي شهده مجمّع فلاجيو ومازال يُدمى قلوبنا إلى الآن، حديثي اليوم هو أن فجأة أصبحت الدوحة بدون مجمّعات كبرى في ظرف استثنائي لا يتكرّر إلا نادرا على ما أظن، وهذا الاستثناء جعلني أفكر في شكل الحياة أو نمط المعيشة الذي أظن انه قائم على الحاجة ومن ثمّ التعوّد بمعنى انك ربما تذهب إلى مجمع تجارى لشراء غرض أو لمقابلة صديق ثم بعد ذلك تذهب بدون هدف محدّد واعني به الاعتياد، وخاصة أننا في فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي، وقرب مواسم الأعراس والمناسبات والحقيقة اكتب اليوم في ذلك لأن كثيرا من الزملاء والزميلات وحتى بعض الاصدقاء الذين التقيت بهم يشعرون بفراغ حقيقي في ظلّ غلق تلك المجمعات الكبرى وبعضهم عاد إلى المجمّعات القديمة التي كانت مشهورة في السابق والتي كنّا نذهب إليها قبل إنشاء المجمعات المغلقة الآن. وهذا الأمر يدعونا إلى النظر اقتصاديا في جدوى تلك المجمّعات وتأثيرها سواء التأثير الإيجابي أو السلبي على الاقتصاد بل ومدى تأثير وجودها على الأسرة المواطنة أو المقيمة. وبالنظر إلى احدث إحصائية عن مستوى غلاء المعيشة بين العواصم بحسب مؤشر تكاليف المعيشة 2012، الذي أجرته شركة "ميرسر" الاستشارية احتلت أفقر دولة عربية جيبوتي أغلى عاصمة وذلك لعدم وجود اى شيء محلّي واحتلت بيروت ثاني مرتبة في غلاء تكاليف المعيشة بين المدن العربية، فيما حصلت أبو ظبي على المرتبة الثالثة تليها دبي في المرتبة الرابعة في المسح الذي أجرته "ميرسر"، فيما حازت الرياض على المرتبة السادسة، ثم الجزائر في المرتبة السابعة تليها الدار البيضاء في المرتبة التاسعة على التوالي. وجاءت الكويت في المرتبة العاشرة على مستوى الدول العربية في غلاء تكاليف المعيشة لعام 2012 تليها طرابلس والمنامة في المرتبتين الحادية عشرة والثانية عشرة ودمشق والدوحة في المرتبة الثالثة عشرة والرابعة عشرة على التوالي، فيما أشار مسح "ميرسر" إلى أن مدينة جدة احتلّت المرتبة الأخيرة كأقل مدينة بين مدن الدول العربية في تكلفة المعيشة. وأعلن القائمون على الدراسة أن هبوط أسعار الإيجارات هو السبب الرئيسي وراء انخفاض تكاليف المعيشة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أما عالميا، فقد احتلّت مدينة طوكيو المرتبة الأولى كأغلى المدن من حيث تكاليف المعيشة، فيما جاءت مدينة كراتشي الباكستانية في المرتبة الأخيرة كأرخص مدينة في العالم من حيث تكاليف المعيشة. ويغطي المسح الذي أجرته شركة "ميرسر" 214 مدينة تتوزّع على القارات الخمس، حيث تتمّ مقارنة تكاليف أكثر من 200 سلعة وخدمة بما في ذلك السكن والمواصلات والطعام والملابس والسلع المنزلية ووسائل الترفيه بمعدل الدخل السائد في الدولة، وليس سعر الخدمات والسلع المباشر. وخلاصة قولي إن الدوحة هى مدينة ليست مدينة يصعب العيش فيها وان الأسرة المتوسطة الدخل تستطيع أن تتكيّف وتوائم فيها واعني بذلك أن وجود المجمّعات التجارية التي قلّلت بشكل كبير نسب ارتفاع الأسعار رغم أننا نشتكي أحيانا من ارتفاع بعض الأسعار مقارنة بدول مجاورة وهذا الأمر يحتاج إلى رقابة شديدة وخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك. وأخيرا ربما تكون تلك اللحظة التي أغلقت فيها المجمّعات لتحسّن من أنظمة الصحة والسلامة فيها فرصة للأسرة للتفكير اقتصاديا ويعرفوا بعد ذلك ما يجب شراؤه وما يجب عدم شرائه حتى لا يكون الإبهار الشديد لتلك المجمّعات مصيدة وشركاً تضيع فيه الرواتب وسلامتكم.