13 سبتمبر 2025

تسجيل

حفظ العين عن الحرام في رمضان

23 مايو 2019

تمضي بِنَا أيام وليالي رمضان على عجل فجِدُّوا واجتهدوا في هذا الشهر المبارك، وسارعوا أحبتي إلى مغفرةٍ من ربكم وجنَّة عرضها كعرض السماوات والأرض أُعِدت لأهل التقوى، فإن سلعة الله تعالى غالية، وإنها تُنال بالإيمان والعمل الصالح، حافِظوا على الفرائض، وأتبعوها بالنوافل. وعمِّروا المساجد، وصاحبوا القرآن وأفشوا المحبةَ والسلام، وأطعموا الطعام، وابذلوا الإحسان، وأكثروا من البر، واحتسبوا الأجر{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. ومن التقوى حفظ الأبصار عن رؤية الحرام، ولا شك أن معصية النظر إلى الحرام تكاد تكون المعصيةَ الأكثرَ وقوعًا في هذا الزمن للأسف الشديد، ويقترن بها في الغالب معصية سماع الحرام، ولكن النظر إلى الحرام أكثر من سماعه. ويأتي ذلك بسبب الانفتاح الذي أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي وإن كانت هذه التكنولوجيا التي فتح الله على البشرية بها سهَّلت عليهم وسائل الاتصال، وهيَّأت لهم غزو الفضاء بالأقمار الصناعية التي كانت فتحًا كبيرًا في البث المباشر من أي مكان في الأرض وتداول المعلومات والأخبار وزيادة الوعي والثقافة والتطوير المستمر لكافة مناحي الحياة في عصرنا اليوم، ولكن في مقابل هذا التواصل بين كافة أطراف المعمورة هبطت مئات القنوات من الفضاء على بيوت المسلمين، وصار كل شيء يُعرَض فيها، وتصعُب الرقابة عليها. فيجب علينا في هذا الشهر الكريم أن نحفظ أبصارنا عن النظر إلى المحرمات، التي تحيط بنا من كل جانب في الطرقات والأسواق وحتى في بيوتنا فقنوات التلفاز مليئة بها، وفي الهواتف التي في جيوبنا لا تفارقنا أبدًا. فهل نعلن انتصارنا على النظر إلى المحرمات في رمضان هذا العام ونوجه أبصارنا لكتاب ربنا لتصح قلوبنا، وتستقيم أحوالنا، ونجد لذةً في عبادتنا، وحلاوةً في مناجاة ربنا؟ فالله تعالى قد أمرنا في كتابه العزيز بغضِّ الأبصار في رمضان وغيره؛ قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]. وقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]. فإن قلوبنا محتاجة إلى إصلاحها والبحث عن الخلل ومعالجته لتليين قسوتها، ولنطهرها مما علق بها طوال العام من الغفلة والقسوة، وليس هناك ميعاد أو فرصة أنسب من هذه الأيام الفاضلة؛ حيث الصيام والقرآن والإحسان والإقبال على الله تعالى؛ فلنعمِّر قلوبنا بحب الله تعالى ومحبة ما يحبه، وكراهية ما يبغضه. يقول الحسن بن مجاهد رحمه الله تعالى: غض البصر عن محارم الله يورث حبَّ الله تعالى. اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ مَن يحبُّك وحبَّ كل عمل يقربنا إلى حُبِّك يا رب العالمين.