19 سبتمبر 2025

تسجيل

إطعام الطعام

23 مايو 2018

شهر رمضان شهر الخيرات، ومن أعظم أعمال الخير في رمضان إطعام الطعام للفقراء والمساكين، وذلك يدخل تحت إفطار الصائمين، وما في ذلك من أجر كبير كأجر صومه تمامًا، وهي من أعظم التجارات الرابحة مع الله. فقد سأل رجل النبي — صلى الله عليه وسلم — قال: أي الإسلام خير؟ قال: « تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ، عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» فإطعام الطعام من أعظم الأعمال عند الله حينما تطعمه ابتغاء وجه الله، لا تفاخرًا وتباهيًا بالولائم والعزائم.. وابتغاء وجه الله تعالى في إطعام الطعام متعدد، أي أنك ربما تطعم الطعام للفقراء والمساكين وتبتغي به إفطار الصائمين فيكون ثوابك نفس أجر الصائم — إن شاء الله —. وربما كان إطعام الطعام لأقارب فكان الهدف منه أو النية فيه هي تجميع الأقارب وصلة الرحم والود والتراحم فيما بينهم. وربما كان إطعام الطعام للجيران فكانت النية منه تأليف القلوب والألفة وإظهار الرحمة بين الناس والعطف بعضهم على بعض. وهذه قصة رجل أراد من وراء إطعام الطعام ثوابا آخر، (كان أحد إخواننا الكرام قد سافر لبلد في الخليج وهو على شوق شديد لمجالس العلم، ويحب أن يكون له عمل صالح، هناك له عمل بفندق، قال لي: خطر في بالي أن أدعو الموظفين الذين من حولي في العمل إلى عشاء كل أسبوع مرة، وأسمعهم درس علم فكان هذا العمل من أطيب الأعمال، هم طبعًا لم يسمعوا الدرس من قبل وحضورهم لتناول العشاء دفعهم إلى حضور هذه الجلسة). هيا يا إخواني الكرام أطعموا الطعام، أقيموا موائد الرحمن في بيوتكم أو في المساجد، ولو بالقليل بقدر ما يكفي لإفطار الصائم دون تبذير وإسراف، وإن كان الأمر في غير المستطاع من إعداد الموائد، فليكن بإعداد وجبات صغيرة وإن اشتملت على طبق واحد وزجاجة من الماء أو العصير، وإن تعسر الأمر في هذا أيضا فليكن بتوزيع التمر على المارة في الشارع وقت الإفطار. وذلك كما قال رسولنا الكريم — صلى الله عليه وسلم —: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ويكفي أنه من أحب الأعمال كما بلغنا رسول الله — صلى الله عليه وسلم — في قوله: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا». فسارعوا إخواني في استغلال شهر رمضان المبارك وإطعام الطعام فيه ليضاعف الله الأجر والثواب، وإن كنا من كبار السن ممن لا يستطيع إعداد الطعام أو الوقوف في الشارع وتوزيع الطعام على المارة، فليشارك في ثواب إطعام الطعام بالمال فليذهب إلى الجوامع أو الهيئات الخيرية التي تنظم الموائد ويشارك فيها بماله. وإن كان ليس معه من المال ما يشارك به أو القدرة لإعداد الطعام، فليشارك بمجهوده في إطعام الطعام فليتطوع خلال الشهر الكريم في العمل بإحدى الهيئات التي تقوم على رعاية الفقراء والمساكين أو يساعد جاره في إعداد الوجبات أو يشارك في المساجد بمجهوده ولا يبتغي في ذلك أجرًا إلا لله سبحانه. ولتعلموا إخواني أن إطعام الطعام في الشهر الكريم ليس قاصرًا على إطعام الإنسان سواء كان فقيرًا أو مسكينًا أو جارًا أو أقاربَ وأصدقاء، وإنما امتداد الإطعام ليشمل الحيوان والطيور، فلا تنسوها في هذا الشهر المبارك، فربما أطعمتم قطة أمام منزلكم أو رويتموها بالماء في نهار رمضان حيث ارتفاع درجات الحرارة، وربما وضعتم على الشرفات كوبًا به ماء وآخر به حبوب فجاءت الطيور تغرد حامدةً الله على ذلك الطعام والشراب. هكذا أعْمِلوا عقولكم إخواني ولا تضعوا الحجج والأسباب في الوقوف عن عمل الخيرات وإطعام الطعام لكل مَن على وجه الأرض. فكونوا مثال رجال (بني عدي) الذين قال عنهم أبو السوار العدوي: كان رجال من بني عدي يُصَلُّون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل وإلا أَخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه. هيا يا إخواني سارعوا بمثل هذه الطاعات التي لا تتكلف جهدًا ولا مشقَّة، بل وهي من أعظم التجارات مع الله، هيا أطعموا كل فقير ومسكين، أطعموا الحيوانات والطيور، واسقوا أشجار الشوارع في نهار رمضان، واعملوا الخير دائمًا ما استطعتم فعله. أعاننا الله على فعل الخيرات وإطعام الطعام في كل الأوقات.