19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); خلال الحرب العالمية الأولى حاولت القوات البريطانية والفرنسية الاستيلاء على عاصمة الخلافة الإسلامية (إسطنبول) في معركة (جاليبولي) والتي يسميها الأتراك معركة (جنق قلعة) وكان ذلك نهاية عام ١٩١٤ وبداية ١٩١٥. إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل وسقط من القوات المعتدية المشتركة ١٢٠ ألفا بين قتيل وجريح.بعد ذلك رأت بريطانيا وفرنسا أنه لا مجال لهزيمة الأتراك إلا من خلال تفكيك الدولة العثمانية من الداخل، وتفريق شمل المسلمين، وبث الفرقة بينهم.وعمدت إلى تذكية نزعة القومية العربية عند العرب، وتأليبهم على الدولة العثمانية، فتواصلت مع بعض الزعماء، وعقدت معهم بعض الاتفاقيات وتعهدت لهم بالاعتراف بدولة مستقلة في حال استقلالهم عن الأتراك.وتحت تأثير بعض الممارسات الخاطئة من بعض قادة الأتراك، وتأثير الوعود البريطانية، والرغبة في الزعامة، انخرط العرب في مواجهة مع الأتراك، فأصبحت الدولة العثمانية تصارع على جبهتين داخلية وخارجية، ومع التمويل الكبير الذي كانت تدعم به بريطانيا ما سمي بالثورة العربية، وتزويدهم بالسلاح والخبراء من أمثال "لورنس العرب" استطاع العرب انتزاع الكثير من الأراضي العربية من أيدي الأتراك. وظن العرب أنهم أصبحوا قاب قوسين من تحقيق الدولة العربية المستقلة، إلا أن تلك الأحلام ذهبت أدراج الرياح، فبعد هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى تنصل البريطانيين والفرنسيين من وعودهم، وشرعوا في اقتسام السيطرة على الأراضي العربية بناء على اتفاقية "سايكس بيكو". واتفاقية "سايكس بيكو" هي اتفاقية جرت بين بريطانيا وفرنسا قاد مباحثاتها كل من "مارك سايكس" وهو عقيد ودبلوماسي بريطاني و"فرانسوا بيكو" وهو سياسي ودبلوماسي فرنسي، حيث اتفقا على تقاسم الأراضي العربية التي تقع تحت الحكم العثماني بمجرد هزيمة الأتراك، وتم توقيع الاتفاقية في ١٦ مايو ١٩١٦، ورُسمت الخطوط النهائية للاتفاقية في عاصمة روسيا القيصرية "سانت بطرسبورغ" حيث شارك الروس في الاتفاقية وكان لهم نصيب في بعض الأراضي التركية.من المحزن حقيقة أن تعلم بأن هذه الاتفاقية تم فضحها قبل هزيمة الأتراك في الحرب العالمية، إذ بعد الإطاحة بالقيصر الروسي "نيكولاي الثاني" في الثورة الشعبية عام ١٩١٧ والتي قادها الشيوعيون بزعامة "لينين" عثروا على نسخة من الاتفاقية في الأرشيف الحكومي.وتم نشرها في إطار فضح أطماع الدول العظمى في وراثة السلطنة العثمانية، وبرغم افتضاح الأمر إلا أن بريطانيا وفرنسا مضيا قدما في تقسيم دول المشرق العربي، وكذلك استمر العرب في الحرب على الأتراك ومعاونة الدول النصرانية للسيطرة على بلاد الإسلام فوثقوا بالنصارى وغدروا بالمسلمين!! الآن وبعد مرور ١٠٠ عام على توقيع اتفاقية "سايكس بيكو" هل تعلّم العرب من أخطائهم؟ للأسف أن هناك بعض المؤشرات تدل على أن بعض العرب لم يتعلموا من تجاربهم السابقة، فها نحن نرى بعض الدول العربية تُهاجم تركيا، وتسعى لإسقاط رئيسها الشرعي وحكومتها المنتخبة، وهناك من يدعم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، وهناك من يشن حملة إعلامية شعواء على تركيا وحكومتها.وهناك من يدفع الأموال للكيان الموازي، وهناك فضائح عن استقبال بعض الدول العربية لشخصيات معارضة بارزة للحكومة التركية، سعيا في إسقاطها.إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولذلك لا ينبغي أن نثق بالوعود التي تطلقها أمريكا والغرب في حرصهم على وحدة أراضي بلاد العرب والمسلمين، بل إنهم يسعون ليل نهار من أجل تمزيق وتفتيت كيان الدول العربية خاصة الكبرى منها، ولقد سمعنا حديثهم وبعض فلتات ألسنتهم والتي يزعمون من خلالها بأن الحل الوحيد لانتهاء النزاعات المسلحة في المنطقة العربية إنما هو في تقسيمها إلى أقاليم.فهل نصحو من غفلتنا ونحرص على وحدتنا وننبذ الخلافات التي بيننا، أم ننتظر اليوم الذي نردد فيه "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"؟