17 سبتمبر 2025

تسجيل

فرنسا في حالة حرب كما أعلن رئيسها!

23 مارس 2020

فرنسا بسياستها الحازمة تشكل أنموذجاً للمواجهة الضرورية مع الفيروس القاتل الرئيس الفرنسي يحث شعبه على الالتزام بإرادة النصر ورفض الهزيمة مهما كانت التضحيات إعلان الحرب في خطاب الرئيس الفرنسي تحول إلى شعار هذه المرحلة العصيبة حركة المرور انخفضت في باريس والمدن الفرنسية إلى عشر ما كانت عليه قبل الكورونا في الخطاب الذي توجه به للشعب الفرنسي ليلة الثلاثاء الماضي كرر رئيس الجمهورية الفرنسية عبارة (نحن في حالة حرب)، مضيفا أنها حرب حقيقية بكل ما في الحرب من حشد ومن أسلحة ومن إرادة النصر، واستعمل هذه العبارة ست مرات أثناء نصف الساعة التي خاطب فيها الشعب بصراحة وثقة في النفس. وفي الدولة راعية الجميع تحول إعلان الحرب في خطاب الرئيس الفرنسي الى شعار هذه المرحلة العصيبة من حياة الشعب. وقال (إيمانويل ماكرون): "إن شعبنا الذي مرت عليه في تاريخه حروب عديدة يواجه اليوم عدوا من صنف استثنائي وغير مسبوق لأنه ليس جيشا عدوا ولا احتلالا نازيا ولا هجوما مفاجئا، بل هو مجرد فيروس لا يرى إلا بالمجهر هجم علينا من خارج حدودنا وفرض علينا قتاله بكل ما نملك من قوة وعزم وتعبئة. وطالب رئيس الجمهورية الفرنسية شعبه بالالتزام بإرادة النصر ورفض الهزيمة مهما كانت التضحيات ومطلوب من الأمة التفاعل مع قرارات حكومته التي قضت منذ أيام بإغلاق كل المقاهي والمطاعم والفضاءات العامة المعدة للفسحة أو للنزهة العائلية. أضاف اليها الرئيس في خطاب الثلاثاء ضرورة التزام الانضباط والتخلي مؤقتا عن العادات الفرنسية المعروفة من التعايش الاجتماعي المكثف وإقامة الحفلات وإحياء الأفراح والالتقاء في المقاهي والمطاعم والحدائق العامة للتمتع بالحياة وملذاتها مع الأسر والأطفال والأصدقاء. هذه مقتضيات حالة الحرب ومستحقات المقاومة والتزامات المواطنين الذين تحولوا الى جنود في المعارك الراهنة ضد العدو المختفي ثم أعلن الرئيس حزمة القرارات غير المسبوقة والحازمة وأهمها فرض نوع من حظر التجول في كامل المدن والقرى الفرنسية باستثناء الخروج لشراء الأغذية والأدوية، والقيام بجولة منفردة للرياضة الشخصية والتجوال مع كلب الأسرة الأليف، أو الذهاب لمقر العمل في حالة استحالة أداء الواجب المهني على الكمبيوتر. وطبعا فإن الدولة تؤجل خلاص الديون المستحقة لدى المصارف ودفع فواتير الماء والكهرباء والغاز المنزلي وإسكان المواطنين الذين ليس لهم بيوت في الفنادق على حساب الخزينة العامة وتسديد رواتب الأولياء الذين يقومون بالعناية بأولادهم في المنازل أثناء فترة غلق المدارس والحضانات والمعاهد والجامعات. أعرب الرئيس ماكرون عن عدم تردد الدولة في صرف المليارات من اليورو لأنه كما قال فإن صحة الناس فوق كل الأولويات والاعتبارات. ثم إنك تلاحظ وأنت تتجول في شوارع باريس والمدن الكبرى والمتوسطة أن حركة المرور انخفضت الى عشر ما كانت عليه قبل الكورونا، وأن الناس يحترمون الطوابير للتبضع وبين كل فرد وجاره مسافة متر مع التوقي التقليدي من العدوى باستعمال غسل اليدين مرات عديدة، وأحيانا وضع الكمامات والقفازات والامتناع النهائي عن المصافحة والتقبيل والاخذ بالحضن والعناق على الطريقة الفرنسية المعروفة، فكل هذه العادات انقرضت ليعوضها حذر كامل من الاختلاط والتقارب ولم يفت الرئيس أن يتوجه باسم الشعب الفرنسي بأحر عبارات التقدير للمتقدمين في الصفوف الأولى من هذه الحرب أي الفرق الطبية والممرضين والكوادر الصحية لعملهم الخارق وتضحياتهم بسعادة أسرهم وعيالهم في الظروف العسيرة، ووعد أن يقع تزويد المستشفيات بكل ما يلزم لغرف الإنعاش معلنا أن عدد المصابين بعدوى كورونا يتضاعف كل ثلاثة أيام مع الإعلان عن اغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية وإلغاء معاهدة (شنغن) مؤقتا أي إعادة الحدود وشرطتها بين الدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد. تشكل فرنسا بهذه السياسة الحازمة أنموذجا للمواجهة الضرورية مع الفيروس القاتل وهي سياسة مختلفة عن الخيارات التي سنتها الحكومة البريطانية والتي أعلنها رئيس حكومة لندن (بوريس جونسن) والتي تعجب منها كل الأوروبيين الآخرين فقد قررت بريطانيا عدم منع الفيروس من الانتشار بسبب ما يؤول اليه الانتشار المكثف التلقائي من إضعاف لقوة الفيروس تدريجيا ودعم المناعة البشرية الطبيعية ضده وعلقت الأوساط العلمية الفرنسية على خيارات بريطانيا بالقول إن النتائج ستظهر بعد أسابيع لتؤكد سلامة هذه الخيارات أو فشلها. [email protected]