18 ديسمبر 2025

تسجيل

القوة الناعمة القطرية تنتصر

23 مارس 2018

أشكر للمنتجين في الإذاعة القطرية اهتداءهم إلى هذا العنوان الطريف (القوة الناعمة) الذي أعتبره شخصيا ملائما مع واقع الأحداث السياسية التي تمر بها منطقة الخليج العربي منذ الخامس من يونيه 2017؛ لأن المواجهة وبعد مرور تسعة أشهر أصبحت في جوهرها بين قوة قطرية ناعمة وبين تهور المحاصِرِين، وأنا أعتقد أن النسر القطري يحلق في عُلاه بجناحين هما الدبلوماسية والإعلام، وهو يستمر في تحقيق انتصارات باهرة هي انتصارات الحق على الباطل والعقل على الجهل، ومن أفضل النتائج التي لم يتوقعها خصوم قطر ندرك ظهور المواهب المتألقة في الدبلوماسية والإعلام والقضاء وحقوق الإنسان و الاقتصاد، وهي المعادن البشرية الأصيلة التي تصنعها المحن وتصقلها الأزمات وأصبحت تلك المواهب بفضل تميزها مخترِقة للحدود وفارضة للحقوق ومدافعة عن المبادئ، بل تحولت إلى مصدر اهتمام وإلهام للباحثين في شؤون العلاقات الدولية والأعراف الدبلوماسية. في طليعة هذه الرموز نجد لصاحب السمو المكانة الأولى بالمبادرات الجريئة والعبارات المنتقاة والمثل الحي والابتسامة التي لا تفارق مُحياه، والتي تنمُّ عن الثقة بالحق وبالشعب، فهو الذي يوجه طاقات شعبه بالحكمة وباحترام القانون الدولي وعدم المجازفة بمصير الخليج ويرسم للنخبة الفاعلة خارطة الطريق للخروج من الأزمة دون التفريط في سيادة دولته ولا في مصالح شعبه. ثبت للملاحظين في المنطقة وفي العالم أنه رغم هول المفاجأة غير المتوقعة ليوم 5 يونيه تحركت الدبلوماسية لتفهم وتتساءل بصدق وعفوية عن أسباب حصار كامل أعلنته ثلاث دول شقيقة تربطها بأهل قطر أواصر الأخوة والاشتراك في مجلس التعاون والمصاهرة ومعاهدات لا تُحصى ولا تعد، ثم جرت هذه الدول الثلاث معها مصر، وهي التي تلقّى شعبُها العونَ والسند من دولة قطر، دون أي تمييز لأحد ممن  يحكمها، إيمانا من القيادة القطرية أن أمر مصر من أنظار المصريين! رغم المفاجأة ولعل عبارة الصدمة أدق، فإن الدبلوماسية القطرية بذلت جهودا كبرى لتلافي القطيعة واعتمدت على الوساطة الكويتية الكريمة وساندتها وحضر صاحب السمو أمير دولة قطر كل اجتماع دعاه إليه صاحب السمو أمير الكويت، بما فيها القمة الخليجية، وتعددت مبادرات قطر معلنة تفهمها لهواجس الأشقاء واستعدادها للحوار، مع الحرص طبعا على عدم التفريط في سيادتها واستقلال خياراتها. وبرزت كفاءات دبلوماسية عديدة استقطبت اهتمام الأوساط الدبلوماسية الدولية أمثال الوزير الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ونخبة من السفراء القطريين لدى الدول ذات العلاقة بالأزمة والشيخة علياء آل ثاني مندوبة قطر لدى منظمة الأمم المتحدة والسيدة لولوة الخاطر الناطقة باسم وزارة الخارجية، كما أن الإعلام القطري من جهته بفضل توجيهات القيادة وإدارة متميزة للمؤسسة القطرية للإعلام، يقوم بها الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، ارتفع عن الإسفاف والتزييف ولم ينزل إلى المستوى الذي مع الأسف بلغته بعض أجهزة إعلام المحاصرِين، فقرأنا بحوثا جيدة وسمعنا حوارات رفيعة لنخبة من الإعلاميين والمحللين القطريين، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر، صادق العماري وفيصل المضاحكة وعبدالله العذبة وجابر ناصر المري وخالد الجابر وربيعة الكواري ومحمد المسفر وأحمد عبدالملك وحسن الرشيد ومجموعة من الشباب أثبتوا قدرتهم على التفاعل الذكي مع الأحداث والدفاع الهادئ عن حقوق دولتهم، كما أن برنامج الحقيقة على التلفزيون الوطني بإدارة الإعلامي المتميز محمد بن نويمي الهاجري ساهم منذ بداية الحصار في بيان الحقيقة وكشف الأراجيف المعادية بفضل إدارته للحوار وإعداد التقارير المعمقة وذات المستوى العالي، وفي المجال القضائي وقوته الناعمة، نجد أن سعادة د.علي بن فطيس المري النائب العام، أعد خطة قانونية لملاحقة وطنية ودولية للذين أساؤوا لدولة قطر وقطعوا أوصال آلاف الأسر الخليجية وانتهكوا حقوق المواطنين في قطر وفي الدول المحاصِرة ذاتها، أما القوة الناعمة الحقوقية فتولاها بنجاعة وعلم سعادة د.علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، فكثَّف نشاطات اللجنة في الداخل والخارج و تعامل مع المؤسسات الحقوقية الأممية والأوروبية والأمريكية والعربية، بما جلب لدولة قطر ومساعيها القانونية الحقوقية احترام الجميع وتضافر جهودهم لاستعادة الحقوق المسلوبة والثروات المنهوبة.