13 سبتمبر 2025
تسجيلفاجأت داعش والحوثيون و العالم والمراقبين معا بانتصارات عسكرية لم تكن فى حسبان أحد لجهة أن هذه المليشيات كانت تحارب جيوشا نظامية متمرسة فى سوريا والعراق واليمن. فوق أنها جيوش اشتهرت بقمعها الشديد لكل من يرفع أصبعا ضد أنظمتها الشمولية. انتصارات تلك المليشيات السهلة على جيوش قومية مهنية خرجت تماما عن حدود المنطق والمعقول. وكشفت عوارا سياسيا مذهلا كانت تلك الأنظمة تجلس فوقه وتخفيه. الذى كان مثيرا للدهشة ليس فقط تمدد تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا بسرعة فائقة. ولكن الذي أثار الدهشة والإشفاق معا هو تداعي وانهيار جيوش مهنية قومية أمام مليشيا لم تكن فى يوم من الأيام جيوشا نظامية للدرجة التي جعلت قائد الجيش الليبي يطلب نجدة العالم لمساعدة جيشه في تصديه للزحف الداعشي. ضعف هذه الجيوش هو من صنع الأنظمة نفسها التى كانت تخشى من وجود جيوش قوية قد تنقلب عليها مستقبلا. لذلك عملت على إضعاف تلك الجيوش لصالح أجهزتها الأمنية التي بنت عقيدتها القتالية على القتال من أجل الحفاظ على كرسي السلطان وليس الحفاظ على الوطن. الآن تدفع شعوبنا من دمها ثمنا غاليا لتلك المخططات المريضة بما خلفت لنا من قوة عسكرية متهالكة لن تكون قادرة على الحفاظ على ما تبقى من أوطان. مثير للخوف والقلق السيناريو المتوقع فى منطقتنا المنكوبة اذا استمر تداعي هذه الجيوش أمام القوى المتطرفة. تهاوي جيوش كانت تقاتل بشراسة حماية لأنظمة طاغية أمام مقاتلين لم يكونوا فى يوم من الأيام جيشا مهنيا يرسل رسالة قد تكون ضارة ونافعة في نفس الوقت. نافعة بإقناع جميع الفرقاء بأنه لن يكون هناك منتصر في هذه الحروب العبثية. وخير للجميع أن يبحثوا عن حلول في غير ميادين القتال والحروب. وضارة لأن انهيار الجيوش القومية السريع أمام مقاتلين غير محترفين قد يشجع المزيد من المغامرين حين يرون انكشاف عورة الجيوش التي من المفترض أن تحمي هذه الأوطان من مثل هذه المغامرات. وهي عاجزة عن حماية نفسها. الأخبار الخارجة من ليبيا التي تقول بالحوار تعني أن الفرقاء الليبيين قد وعوا الرسالة. ووضعوا أرجلهم على بداية الطريق الصحيح. وعرفوا أن حروبهم الحالية المنتصر فيها مهزوم حين يصل ولا يجد الوطن الليبيي الذي عرفه من قبل. جميل أن يأتي الليبيون إلى هذه القناعة أخيرا. وقديما قال الفرنجة: أن تأتي متأخرا خير من ألَّا تأتى البتة. لوعادت ليبيا إلى جادة الطريق، فإن ذلك قد يفتح باب العشم في المزيد من العائدين. عيوننا سوف تكون شاخصة باتجاه اليمن وسوريا والعراق. صلوا من أجل شعوبنا المحترقة.