11 سبتمبر 2025

تسجيل

أطفال بلا تربية أو تعليم

23 مارس 2015

المسألة التربوية من الأهمية بما يجعلنا نفكر كثيرا في صناعة المستقبل والتفاؤل به، ومن الخطأ المنهجي تصوّر أن العملية التربوية خاصة بالوالدين فقط، إذ أن المدرسة والوطن والمجتمع لهم أدوار تشاركية مهمة وإن كانت بنسبة صغيرة إلا أنها أكيدة وفاعلة، وكل هؤلاء يبنون الوعي الخاص بالأطفال ويوجدون ثوابت تتأصل في شخصيته وتمنحه فكرا متكاملا عن الحياة.هناك صعوبات لدى كثير من الآباء في تلقين أبنائهم القيم الإنسانية، فبعضهم لا يعرف ما هي تلك القيم أصلا، وآخرون يعرفونها ولكن لا يعرفون كيف يكسبونها ويعززونها لدى صغارهم، وقليل من يعرف كيف يقوم بتوجيه أطفاله التوجيهات الصحيحة والصالحة، ولذلك تأتي عملية التكامل مع العوامل الأخرى التي تسد ثغرات البيت التربوية.صحيح هناك مكتسبات فطرية، ولكن مسألة الوعي تخضع لعمل وجهد شاق خلال التربية، فالسلطة الأبوية لها دورها في الرقابة والمتابعة والتصحيح وتعزيز الصحيح من السلوكيات والحماية من الانحرافات التربوية، ولكنها بحاجة إلى المدرسة في مرحلة لاحقة لتقويم الأداء التربوي والسلوكي للطفل، وهي التي يفترض أن يوجد بها تربويون متخصصون يرتبطون بالبيت لمتابعة مسار الطفل.المجتمع بدوره حاضنة للصغار ويمكن لكل كبير، ذي صلة بالطفل أو ليس ذي صلة، أن يدعم تثبيت القيم التربوية والأخلاق الكريمة في الطفل، بتشجيعه على الإيجابي وإرشاده بالابتعاد عن السلبي، وذلك ينتقل بنا إلى المؤسسات المدنية التي تؤسسها الدولة لاحتضان الصغار في أنشطة إيجابية فاعلة تعلو بالقيم والأفكار الكبيرة لديهم، وتسهم في فتح إدراكهم ورفع مستويات وعيهم لمواجهة متغيرات الحياة بخيارات عقلية متقدمة.وحين نحصل على فاقد تربوي من المدارس، فذلك مؤشر لخلل في البنية التنظيمية للسلوك الفردي لدى هؤلاء الصغار لأنهم لم يجدوا الحافز الغريزي للنهل العلمي من جهة، ولا الدعم الذي ينبغي أن يحصلوا عليه لمواصلة مسيرتهم العلمية خاصة إذا كان البيت غير مكترث أو متابع بصورة دقيقة لأبنائه، وللأسف ذلك أصبح شائعا في مجتمعاتنا العربية، حيث نجد كثيرا من الصبية لم يكملوا مسيرتهم التعليمية ليلتحقوا بأعمال تفوق طاقاتهم ومشاركة أولياء أمورهم في تلك الأعمال من أجل الكسب المادي، وذلك يضعنا أمام أجيال هشّة لا يمكن الاعتماد عليها مستقبلا لأنها تعجز عن بناء المستقبل، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، وهي صورة مقلوبة يجب مراجعتها وإعادة النظر فيها عربيا.