11 سبتمبر 2025

تسجيل

الصمت في مجلس الحاكم

23 مارس 2014

للدين الإسلامي تعاليمه السمحة تجاه المنتمين له فلم تقتصر العبادة على العلاقة بين العبد وربه، بل هناك تفصيل للكثير من الفروع على المستويات الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية، فكان لكل أمر آدابه وتعاليمه، وقد أشارت النصوص الأدبية لكثير من الجوانب التربوية الرفيعة التي تؤكد عمق وسماحة ورحمة هذا الدين، وقد أكد المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك في خطبة الوداع التي وضع فيها ميزانا شاملا لحركة الفرد في حياته.إن أدبيات الإسلام وتعاليمه كثيرة ومتعددة، وما يهمني في هذا السياق هو الاستشهاد بالرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم والصحابة الكرام والوقوف عندهم والاقتداء بهم، وكيف أن الكثير منهم فضّل العزلة وعدم المشاركة ولو بكلمة واحدة في الخلاف الذي نشأ بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، إن المسلم الحق يراعي الله في الحرف قبل النطق به، والمرء مخبوء تحت لسانه، ورب كلمة قالت لصاحبها دعني، فهي قد تكون بابا لفتنة، إنهم رجال صدقوا مع الله فانعكس هذا الصدق في أخلاقهم وتعاملهم مع الناس والحاكم، وذلك ما ينبغي علينا كشعوب خليجية أن نقتدي به ونسير على هديه ونهجه.احترام الحاكم الصالح المراعي الله في شعبه ووطنه واجب حثنا عليه الدين السمح، وهذا الاحترام لا يأتي بالكلام والإطراء والمزايدة والمغالاة بالوطنية فوق المنابر، وإنما بالعمل والاحترام وخفض الجناح، فلا صوت يرفع في مجلس الحاكم، فلذلك آدابه وموازينه التي يجب الاقتداء بها وتطبيقها، وإلا أصبح الفرد شاذا بين الحضور، وهذا في مجلس الحاكم الصغير، فما بالكم في مجلس الحاكم الكبير وهي الدولة، التي عليها في رقابنا وأنفسنا حق وللحاكم بيعة، وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان. وحين يكون هناك اختلاف بين الأشقاء فالتزام الصمت وتفويض الحاكم لحل الأمر أعلى درجات الولاء والطاعة، فتأجيج الأمور بالكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي أو على المنابر ما هو إلا تشويش على هذا المجلس والرأي العام وإنتاج الأحقاد، وذلك يزيد الحقد والكراهية بين شعوبهم، فحين يذوب الخلاف بين الشقيق الأكبر والأصغر، يصبح ما حدث زبدا يذهب ويبقى الود وما صنع المرجفون، فهل سيكون ما فعلوا مبررا؟إن ما ينبغي على الشعوب الخليجية إدراكه هو التفرقة بين مشكلة تحصل في مجلسنا الكبير الذين يضم الأشقاء جميعا، وأخرى تحصل خارج ذلك المجلس، تماما مثلما تفرق بين مشكلة حدثت بين إخوة في منزل واحد، فمهما احتدّ الخلاف بينهم فلن يصل إلى مرحلة العداء، فيما لو حدثت مشكلة بين أحد الإخوة وآخر خارج الإطار العائلي فهنا يطبق المثل "أنا وابن عمي على الغريب".إعلامي سعودي*