30 أكتوبر 2025

تسجيل

عدم جواز الاعتذار بجهل القانون

23 فبراير 2016

لا شك أن القواعد القانونية تستمد قوتها الملزمة من إرادة الجماعة ولتأكيد عنصر الإلزام في القاعدة القانونية فقد استقر منذ مدة طويلة مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون، وهذا المبدأ يعني أنه لا يجوز لأي شخص أن يدعي جهله بالقواعد القانونية، حيث يضع القانون قرينة نصها افتراض العلم بالقانون، لذا فلا يتوقف تطبيق القانون على الظروف الشخصية للأفراد ومدى علمهم بالقانون من عدمه، ولا توجد وسيلة متاحة لإخطار كل فرد بشكل شخصي بالقوانين التي تصدر، ولا مجال أيضاً لإعلان كل فرد بشخصه والقول بغير ذلك من شأنه أن يسمح للأفراد المخاطبين بأحكام القانون أن يتهربوا من الخضوع لأحكامه، ولن يعجز الأفراد عن اصطناع الأعذار والأسباب، فمنهم من هو مريض ومنهم الأجنبي ومنهم من لم يكن قد ولد وقت صدور القانون، ومنهم من كان خارج البلاد بالإضافة إلى الكثير من الأعذار الأخرى.والجدير بالذكر أن افتراض العلم في كافة الناس بالقانون يحقق مبدأ المساواة بينهم أمام القانون كما تتحقق أيضاً المساواة بين أقاليم الدولة المترامية الأطراف في تطبيق القانون في وقت واحد، ومبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون ينطبق على كافة القواعد القانونية التي يتضمنها الدستور والقانون والقرارات والمراسيم واللوائح كما يشمل ذلك القواعد القانونية الآمرة والملزمة للجميع والقواعد القانونية المكملة أو المفسرة.وغني عن البيان أن مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون يقوم على قرينة قاطعة تفترض علم الكافة بالقواعد القانونية، وهذا غير متحقق بالفعل حيث إن أغلب المخاطبين بالقانون لا يعلمون به علما يقينيا، ولكن الواقع يفيد أن العلم يفترض في حق الأفراد بمجرد نشر القانون في الجريدة الرسمية وفي ظل استحالة العلم الحقيقي للجميع فهناك بعض الاستثناءات على هذا المبدأ خاصة في حالة القوة القاهرة وتتحقق في حالة انقطاع الاتصال بين الدولة وأحد أقاليمها، الأمر الذي يحول دون نشر الجريدة الرسمية في هذا الإقليم، ويكون ذلك عند وجود جزء من أقاليم الدولة تحت الاحتلال أو انتشار وباء أدى إلى وضع الإقليم تحت الحصار، كما يعتبر عدم توزيع الجريدة الرسمية أيضا أحد الاستثناءات التي تحول دون علم الكافة بالقانون حيث إن توزيع الجريدة يعتبر قرينة على علم الأفراد بالقانون.كما يضاف إلى ذلك استثناء آخر إذا تعلق جهل الفرد بقوانين غير جنائية، حيث إن المشرع لا يقبل عذر الجهل بالقانون في المسائل الجنائية ولكنه يقبل بهذا الدفع إذا كان الأمر متعلقاً بقواعد قانونية مدنية أو تجارية ومثال ذلك جهل البعض بقوانين الأحوال الشخصية أو المدنية.نصيحة قانونية: أحكام شركة المحاصة يشير قانون التجارة رقم 11/2015 إلى أشكال وأنواع الشركات التجارية على سبيل الحصر ومن هذه الشركات شركة المحاصة، وهي شركة مستترة لا تسري في حق الغير ولا تتمتع بالشخصية المعنوية، كما لا تخضع لأي من إجراءات الشهر، يحدد عقد شركة المحاصة الغرض من إنشائها وحقوق الشركاء والتزاماتهم، وكيفية توزيع الأرباح والخسائر بينهم، وطريقة إدارة الشركة، وغير ذلك من العناصر الأساسية، ويجوز إثبات عقد شركة المحاصة بجميع طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن، ولا يجوز لشركة المحاصة أن تصدر أوراقاً مالية قابلة للتداول، يبقى كل شريك مالكاً للحصة التي تعهد بتقديمها، ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك، والجدير بالذكر أنه لا يجوز للغير الرجوع إلا إلى الشريك أو الشركاء الذين تعامل معهم، ولكن إذا صدر من الشركاء عمل يكشف للغير عن وجود الشركة، جاز اعتبارها بالنسبة له شركة واقع، حيث يكون الشركاء فيها مسؤولين على وجه التضامن تجاهه، ولا يعتبر الشريك المحاص تاجراً، ما لم يقم بالعمليات التجارية بنفسه، كما أنه لكل شريك الحق في الاطلاع على دفاتر الشركة ووثائقها بنفسه أو بوكيل عنه، بشرط ألا يترتب على اطلاع الوكيل ضرر بالشركة، ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك، أما القرارات فتصدر في شركة المحاصة بإجماع آراء الشركاء، ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك، ولا تكون القرارات المتعلقة بتعديل عقد الشركة صحيحة، إلا إذا صدرت بإجماع آراء الشركاء، وأخيراً إذا كان بين الشركاء شريك غير قطري، فلا يجوز لشركة المحاصة مزاولة الأعمال التي تحظر القوانين على غير القطريين مزاولتها.نستكمل استعراض القانون تباعاً ....