11 سبتمبر 2025
تسجيلقد يُطالع المرء في حلّه وترحاله العديد من الوجوه ويطّلع على قليل أو كثير من تجارب الآخرين في بيوتهم وقراهم ومدنهم وأوطانهم ويبقى بشكل سرّي يُقارن ويُقارن ليجد وبكل بساطة أن النفس البشرية والتجربة الإنسانية واحدة في كل مجال ومقال لكنّها في الوطن تحمل سمةً أخرى وطعماً آخر له صلة الرحم وصلة التراب وصلة العامل المشترك الذي يُنظّم أشياءنا وذواتنا. فكيف نصدّق أنّا اقتُلعنا وأنّا انتهينا وأنّا بكينا وأنّنا هتفنا وأننا لن نشيد حلماً وبيتاً نُشرّع فيه نوافذ وعيٍ تقول عرفنا، تقول ابتدأنا. دمشق يا من أعطيتني أسرار المفاتيح والأسئلة، وأهديتني ثلاثية علي بابا وشيفرة الدخول إلى كهوف الإبداع، يا مصغّر الكون ويا جنتي، أهلوك جزء من نضجي اليومي ورائحة البهار والهيل، تيه الصبايا وصخب الشباب، فوح الدراق والخوخ، وذوب التوت وفوضى الياسمين، كيف لا أشتاقك وأنا بعيدة. كيف لا أحنّ إليك وأنا قريبة، سأُسامح من أجلك من أساء، وأحب من أجلك من أحب بكل ما أُتيت، وأحب شوارعك وأبنيتك المهدمة، مشافيك الغارقة ونسمات قاسيون المؤلمة، العمال وكناسي الشوارع وحتى اللصوص وكل ما يُشكّل حلقة ولو صغيرة في مآذنك وكنائسك ونومك وصحوك بدءا من أعلى نسمة في سمائك حتى أصغر حبة فسيفساء في تاريخك. إلى متى سنبقى دراما العصر المكسيكية؟ ألا يمكن لحالة الواقع أو الانهيار التام هذا أن يُشكّل قوة أكبر للانطلاق؟ فالطير يرفرف عندما يُذبح والقطة تتحول إلى نمرة كاسرة في حالات الخطر، والأم التي يتعرض طفلها للحريق تندفع بشكل عفوي إلى اختراق النيران مستخدمة بعدها السابع الكامن الذي يُستنفر في أدهى اللحظات، إنها فكرة البقاء وسرعة ما يمكن إنقاذه، إنه الزمن وتزمين ما تبقى لدينا من وطن. تباً لعالم متعام ومتواطئ يضع الغربال على عين الشمس. يا من تشنون الحروب على أطفالنا وأمومتنا ستنقرضون ليس بفعل القتل، بل بفعل الغضب والصبر والإيمان والبعد السابع.