19 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة حزب النور

23 فبراير 2013

منذ ظهوره على الساحة السياسية المصرية، أصبح حزب النور حديث الجميع بسبب خلفيته الدينية ذات التوجه السلفي التي كانت ترفض قبل الثورة مجرد الخوض في أحاديث السياسة، فضلا عن أن تدخل في إطار الصراعات الحزبية التي كانت تعتبرها رجسا من عمل الشيطان. واستمر الاهتمام بحزب النور بعد حصوله على نسبة عالية من مقاعد البرلمان الذي تم انتخابه في 2011 بشكل لم يكن متوقعا على الإطلاق، بسبب حداثة نشأة الحزب وعدم وجود قواعد أو مقرات مهمة له خارج مدينة الإسكندرية، التي تعتبر معقل الدعوة السلفية التي يمثلها الحزب. وقد أسهمت المواقف غير المتوقعة للحزب فيما بعد في استمرار الاهتمام بالحزب سياسيا وشعبيا. فقد فاجأ الجميع حينما عارض مساعي حزب الحرية والعدالة لإقالة حكومة كمال الجنزوري قبل الانتخابات الرئاسية. وخلال الانتخابات الرئاسية وقف حزب النور في الجولة الأولى مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين رافضا محاولات الجماعة للحصول على تأييده لمرشح الجماعة الدكتور محمد مرسي. أما في الجولة الثانية فرغم أن حزب النور أعلن رسميا تأييده لمرسي إلا أن الأحداث أثبتت بعد ذلك أنه وقف إلى جانب مرشح الفلول الفريق أحمد شفيق. فقد اعترف أحد القيادات الروحية للحزب الشيخ ياسر برهامي أنه ذهب وبعض قيادات الحزب إلى منزل شفيق للاتفاق معه في حال فوزه. وحتى بعد نجاح الدكتور مرسي لم تتبدل مواقف حزب النور الصادمة لجماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة، حيث رفض الحزب تقديم أي دعم أو مساندة لهما في مواجهة جبهة الإنقاذ الوطني التي كانت تريد إسقاط الرئيس من خلال نشر العنف والفوضى في الشارع، حتى أن الحزب رفض المشاركة في أي فعاليات للتيار الإسلامي لتأييد الرئيس. وبعد إقرار الدستور وانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس الشورى، حاول حزب النور عرقلة حزب الحرية والعدالة لإقرار قانون انتخابات مجلس النواب القادم، وشكل جبهة معارضة مع أحزاب جبهة الإنقاذ في مواجهة باقي فصائل التيار الإسلامي. وفي الأيام الأخيرة زادت وتيرة التصعيد بينه وبين جماعة الإخوان من خلال طرحه لمبادرة للتوافق الوطني تتبنى مطالب جبهة الإنقاذ التي حاولت تحقيقها باستخدام العنف وفشلت. وقد تحدثت أنباء عن دور لعبه أحمد شفيق في صياغة هذه المبادرة التي تم اعتبارها وسيلة لإنقاذ "جبهة الإنقاذ" من الانهيار السياسي بعد سقوطها سياسيا وشعبيا بسبب استخدامها للعنف في مواجهة الإخوان ومؤسسة الرئاسة. وحينما رفض الإخوان المبادرة، بدأ حزب النور في تشويه الجماعة ومؤسسة الرئاسة من خلال ترديد الإشاعات التي كانت ترددها جبهة الإنقاذ، من قبيل أخونة الدولة وسيطرة الجماعة على مفاصل الدولة المصرية. ثم جاءت أزمة إقالة مستشار الرئيس لشؤون البيئة وهو أحد قيادات حزب النور، بسبب شبهة استغلال نفوذ، وهو ما رد عليه الحزب بحملة إعلامية شرسة ضد مؤسسة الرئاسة تطالب الرئيس بالاستقالة وتؤكد على أن الإقالة جاءت في إطار الانتقام من مواقف الحزب الأخيرة، رغم أن مستشار الرئيس المقال اعترف بأن المؤسسة لفتت انتباهه أكثر من مرة إلى ضرورة عدم التدخل في الأمور التنفيذية التي لا تدخل في إطار وظيفته، فضلا عن الدور الذي لعبه لصالح أحد أقربائه مستغلا منصبه.  مشكلة حزب النور التي لازمته منذ اللحظة الأولى لتأسيسه، أنه اعتبر أن وظيفته الأساسية هي مواجهة جماعة الإخوان ومنعها من الاستحواذ على الساحة السياسية، وهذا ما جعل التنافس السياسي يتحول إلى عداء سياسي يستخدم فيه الحزب كل الوسائل من أجل تحقيق أهدافه.