16 سبتمبر 2025

تسجيل

اسم ترامب يسبب العطب للعصب

23 يناير 2018

يدين معظم زعمائنا بالفضل، لوجودهم المزمن على الكراسي، حتى أصابوها بالبواسير وتخلخل المفاصل، لإسرائيل، ومواجهة وتدمير إسرائيل "أولوية"، وضرورة لعسكرة اقتصاد البلاد، وتقنين اغتصاب حقوق العباد، "ولا تتعجلوا التنمية والرفاه لأن العجلة من الشيطان" واسترزقت الصحافة العربية من وجود إسرائيل، إما بتبرير تلكؤ الحكام في لجم إسرائيل وتركيعها، لنصلي العصر في القدس، أو بالنواح لأنهم يستيقظون كل صباح ويكتشفون أن إسرائيل تتمدد بالحرارة، ولا "تتبربر" بالبرودة، حتى صار عندنا نحو 6532 صحفيا متخصصين في سب إسرائيل، واقتراح الحلول لهزيمتها لإقامة دولة فلسطين على أنقاضها، أو جزء كبير منها وفي السنوات الأخيرة ظهر آلاف الكتاب المتخصصين في الشؤون العراقية، ثم صاروا متخصصين في الشؤون السورية، وشيئا فشيئا اكتشفوا ان سوق داعش يجلب لهم المزيد من الزبائن، فدخلوا ذلك السوق، ونسي معظمهم الأسواق المصرية والليبية واليمنية (رغم أن سوق الصومال كانت ولا تزال، أكثر امتلاء من أسواق كل البلاد العربية تلك، بالسلع التي تروق لتجار الكلام – وأنا منهم – وتصلح لتسويد الصفحات، وتوفير ذخائر للحناجر، إلا أن الصحفيين والزعماء العرب، ليسوا ميالين لتناول شؤون البلدان المستعربة، مثل السودان والصومال وجزر القمر). ثم جاء ترامب، وعزفت الأقلام ألحان الطرب، ورقص العامة والخاصة الهولاهوب، وهي رقصة تتطلب الدوران والانثناء السريع والعنيف، كما الدراويش في حلقات الذكر، فالرجل سخي بالتصريحات والتغريدات والقرارات، التي توفر المادة الخام الضرورية للأقلام، لمجاراة ترامب في لغو الكلام. ترامب أمين مع نفسه ومتصالح معها، (في عاصمة عربية، تناقلت الصحف نبأ انتحار الشاب ع. غرقا بعد أن قفز من جسر إلى الماء، لأن أهل حبيبته رفضوا تزويجها له، وبعدها بأيام، قفز شاب من نفس الموقع وارتطم جسمه بالماء، ولحسن – او سوء – حظه، هرع قارب صيد وأنقذه من الغرق، وعند التحقيق معه، قال إنه يريد أن يكون مشهورا مثل ع. الذي انتحر، وحظي باهتمام الصحف، حتى صار اسمه على كثير من الألسنة، وهو بالتالي هوائي مثل ترامب الذي تطربه الشتائم، لأنها تعطيه الإحساس بأنه "في البال") ناشدت كل من يتواصلون معي عبر واتساب وفايبر وآيمو ان يرحموني، ولا يرسلوا لي أي شيء "صادق" أو مفبرك عن ترامب (لدي إلمام بأشيائه غير المفبركة بحكم طبيعة عملي. ومش ناقص)، إلا أنهم يتجاهلون توسلاتي، حتى صار ترامب كالموت يدركني أينما كنت وفي الدول الغربية صارت هناك ممارسة اسمها جلد ترامب Trump-bashing ولكنهم وبعكسنا يتبعون الفعل القول، ففي بريطانيا جمعوا أكثر من مليون ونصف المليون توقيع، لجعل البرلمان يناقش أمر منع ترامب من زيارة البلاد، ثم أعلن رئيس البرلمان البريطاني أنه إذا زار ترامب بريطانيا – لا قدر الله – فإنه يعارض السماح له بمخاطبة البرلمان، وفي كل المدن الأوروبية الكبرى تشكل رأي عام ذو ثقل لمناهضة سياسات ترامب الداخلية والخارجية وبالمقابل فكل ما يستطيع ان يفعله ما يسمى بالشارع العربي، إزاء ازدراء ترامب بالعرب والمسلمين، هو تأليف وتداول النكات عنه، فسياسات الحكم العربية لا تسمح لـ "الرأي العام" بالتعبير بالأنف (إفففف) أو الأذن، أو الحنجرة، (الهتاف الذي هو أضعف الإيمان ومع هذا فهو من الكبائر). في لقاء تلفزيوني، سألوا الرئيس السوداني عمر البشير عن نكتة أعجبته تنتقد حكومته، فقال إن إمام مسجد كان يدعو في خطبة صلاة الجمعة: اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا. فقاطعه أحد المصلين: هو سلَّط وخلص. أساله "يرفع"، ونسأل الله أن يرفع ترامب عنا قريبا، إنه سميع مجيب.