13 سبتمبر 2025
تسجيلليس غريبا ولا مفاجئا ذلك التقرير الإنساني الذي أصدرته (الأمنستي) أو منظمة العفو الدولية، وهي المنظمة الأشهر دوليا في مجال رصد ومراقبة أوضاع الإنسان في العالم، حول الممارسات البربرية التي قامت بها ميليشيات كردية عراقية وتركية وسورية ويزيدية ومجاميع غير منضبطة أخرى ضد المدن والقرى العربية الواقعة في شمال العراق والتي كانت موضعا لتطهير عرقي بشع شهدت فصوله تلك القرى التي تم انتزاعها من أيادي تنظيم الدولة، ليصار لتدميرها وتذويبها بل محوها من الخريطة من أجل ضمان عدم عودة أهلها السابقين!، وهو ما أشارت إليه تقارير المنظمة الدولية بالأدلة والقرائن والبراهين المادية المرفقة بصور الستالايت والتي تدحض أي مماطلة أو رفض أو تلاعب بالحقائق؟، والواقع أن ملف نكبات أهل المدن العراقية التي شهدت قتالا ضروسا مع تنظيم الدولة ثم تحولت لخرائب وأطلال ولم تعد صالحة للسكن أو للاستعمال البشري قد تضخم كثيرا وأكثر مما هو متوقع؟، ودخل ضمن مجال فرض متغيرات ديموغرافية ومذهبية بات شكلها وإطارها العام معروفا وشاخصا للجميع، مع ما شهده قضاء (المقدادية) التابع لمحافظة ديالى من جرائم بشعة وانتهاكات مريعة، وعمليات تصفية جسدية وحز للرؤوس وتمثيل بالجثث على أسس طائفية ردا على تشنجات وصراعات طائفية لا علاقة للعراقيين بها بالمرة!، ولكنها مع ذلك فرضت إيقاعاتها ضمن منهج بربري باتت الميليشيات الأقوى من الحكومة في العراق تتعمده، ولعل تصريحات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي (الفضائحية) في اتهام البعثيين بالوقوف خلف تلك الأحداث بمثابة هروب للإمام! وتعبير فظ عن الإفلاس الفكري والمنهجي؟، فمن أدار تلك المجزرة بكل فصولها الرهيبة هي الميليشيا الطائفية التي يقودها أطراف مركزية في حكومة العبادي؟، وهي معروفة للجميع مع حقيقة دخول آلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني لمحافظة ديالى الحدودية التي يعتبرها الإيرانيون خط دفاع أول للتخوم الإيرانية بعد أن نجحوا في إبعاد قادة وعناصر جماعة (مجاهدي الشعب) الإيراني من قاعدة (أشرف)! التي كانت لسنوات مركزا لإدارة صراع المعارضة الإيرانية ضد النظام الإيراني!، اليوم تغيرت أشياء ومعطيات كثيرة أهمها تركيز سيطرة الميليشيات الموالية لإيران على الأوضاع الأمنية والإدارية فيها؟، ولكن الصورة التطهيرية في ديالى لا تعكس كل صورة العذاب العراقي، بل أضافت لها عمليات الميليشيات الكردية والإيزيدية التطهيرية في مدن الشمال العراقي أبعادا تراجيدية مدمرة في ظل توالي النكبات وغياب خطة حكومية أو منهج سلطوي واضح يعترف بالأزمات أولا ويحددها ثم ينطلق لإنشاء برنامج وطني حقيقي لحل المشاكل بعيدا عن المناورات أو حفلات الإنكار والتنديد غير المجدية، عرب العراق يعيشون اليوم واقعا سوداويا مرا معبأ بكل برامج وخطط التطهير العرقي والطائفي الذي يحاول استغلال أوضاع الضعف والتشتت الحكومي والحرب العامة ضد الجماعات المسلحة لفرض وقائع ومعطيات جديدة. تقرير منظمة العفو الدولية كان مفحما وواضحا وصريحا ومباشرا في إدانته للجماعات التي تقترف تلك الخروقات المريعة، ولكن الكارثة أن عرب العراق سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب، يعانون بصمت في ظل تجاهل الدول الكواسر لمعاناتهم، وحالة الضباب الإقليمية بشأن أوضاعهم، وفشل الحكومة العراقية في حمايتهم عبر التغريد بمعلومات غير صحيحة وفي غياب منهجي واضح عن فهم المشاكل والتحديات الحقيقية لعموم الشعب العراقي.من ينصف ويحمي ملايين الأبرياء والمظلومين من عرب العراق الذين أضحوا مادة دسمة لتصفية الحسابات، ومحطة مركزية للثأر والانتقام، وموقعا متميزا لكل حملات التطهير وحتى الإبادة؟.. أعتقد أن الحاجة باتت ماسة لتدويل القضية العراقية، وطلب حماية دولية للعراقيين من تداعيات حروب الانتقام والتشفي، فالمنظمات الحقوقية الدولية وقد كشفت الملفات الرهيبة التي كانت مخفية على العالم قد أدت مهمتها بضمير مفتوح وبات لزاما على دول العالم وفي طليعتها العالم العربي التحرك الفوري والعاجل لفرض إجراءات دولية وشرعية مسؤولة تنصف المظلوم، وتطبق الشرعية الدولية، وبما ينهي الأوضاع الشاذة التي كسحت العراق بالكامل، فهل نشهد انفراجة ضمير دولية لردع ميليشيات الانتقام الطائفي والعرقي في العراق؟. هذا ما نتأمله.. ولكن!!؟