11 سبتمبر 2025
تسجيلالجهود القطرية الحميمة في التصدي لمحن النزاع الدموي في إقليم دارفور السوداني بأشكالها المتعددة: من احتراب، ودمار، ونزوح، وفقر، وعوز، وأمراض، والتي ظلت قطر تبذلها في همة لا تعرف الملل ولا اليأس رغم الصعاب التي ظلت تتجدد مع تجدد الأيام منذ انفجار النزاع الدموي على حين غرة في العام 2003. الجهود القطرية هذه، وجهود رصيفتها الوساطة الإفريقية، الاثنتان معا، أصبحتا الآن على مرمى حجر من إحداث اختراق ظل حلما عزيز المنال أمام الجهود المحلية والدولية والإقليمية المثابرة. أزمة دارفور فاجأت الأسرة الدولية والإقليمية بما لم يكن في الحسبان في الإقليم المنزوي والمسالم بطبيعة أهله الذين عرفوا بحفظ القرآن وليس بحفظ الأسلحة وتكديسها. فقد جاء في الأنباء للتو أن أكبر حركتين مسلحتين في دارفور قد بادرتا من جانبهما بالاتصال بالوساطة القطرية وعرضتا الجلوس مع الحكومة السودانية برعاية الوساطة القطرية وبروح جديدة قبل نهاية الشهر الجاري للوصول إلى حل نهائي لأزمة دارفور. ويجيء هذا الفتح متزامنا مع اختراق جديد في الجبهة المقابلة الأخرى التي ظلت تصطف فيها قوات الحكومة السودانية في مواجهة قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال. فقد أعلنت الوساطة الإفريقية أن الطرفين، الحكومة السودانية والحركة الشعبية سيبدآن محادثات جدية قد تكون ختامية قبل نهاية الشهر الجاري في ظل تبادل إفادات إيجابية من نافذين في الجانبين تتحدث عن قرب الوصول إلى حل نهائي يغلق هذا الملف مرة واحدة وإلى الأبد. المحللون والمراقبون لن يفوت عليهم أن يقفوا طويلا عند عزيمة الوساطة القطرية على أحداث هذا الاختراق الذي شكلت اتفاقية الدوحة بين الفرقاء السودانيين أهم ملامحه الإيجابية. لقد فتحت قطر الصغيرة قلبا كبيرا لأشقائها السودانيين لمداواة جراحهم السياسية ولم تبخل عليهم بأي دعم معنوي أو مادي لاسيَّما للسودانيين الذين تكدسوا في معسكرات النزوح القسري تحت وطأة الخوف على أرواحهم وممتلكاتهم إن بقي لهم شيء يملكونه. يبقى أمامنا جميعا أن ننتظر لكي نرى ماذا يضيف مؤتمر الحوار السوداني الذي ينعقد هذه الأيام تحت رعاية الرئيس البشير وبرئاسته. هل تعين مخرجات هذا الحوار الوساطتين القطرية والإفريقية أن تكتبا السطر الأخير في مشكل دارفور ومشكل المنطقتين – جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان. أن يغلق هذان الملفان مرة واحدة وإلى الأبد تحت رعاية الوساطتين القطرية والإفريقية اليوم وليس غدا، فإن كل حبر الأرض لن يكفي لإزجاء عبارات الشكر والامتنان للذين هم أهل للشكر والعرفان من قادة الوساطتين.