16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هناك ثلاث فئات من النخب التي يمكن أن تكون في طليعة أي حركة إصلاحية تنويرية في المجتمع: 1. النخبة المغلوبة: وهي نخبة معيارية حسب النموذج الذي قدمناه، بمعنى أنها استوفت معايير مميزة لها في المجتمع ولكنها لم تصل إلى موقع النخبة العليا التي تبتغيها، هذا قد يكون بسبب أنها تميزت بمعايير غير معتبرة في المجتمع أو لأنها غلبت إلى مواقع القمة المجتمعية من أندادهم عدلاً أو جوراً. فعالم الفيزياء سيكون أحرص الناس على تعديل المعيار المجتمعي ليقدر العلم بدلاً عن الشعوذة والسحر الذي رفع الدجالين إلى مكانه في النخبة العليا وأبقاه مع العامة. والذي يرغب في كثرة المال أو الشهرة سيعمل للوصول إلى النخبة العليا لتحقيق هذه الرغبات، فإذا وجِّه مثل هذا إلى المعايير الصحيحة أصبح سلاحاً في يد الوعي، كلا المثالين يعملان بدافع ذاتي ولكنه يصب في النفع العام كما تقول فكرة اليد الخفية.2. النخبة المثالية: هؤلاء هم أصحاب الدوافع المثالية الذين تحركهم القضايا الإنسانية أو الأيديولوجية، وسعيهم إلى تغيير المجتمعات ونشر الوعي – وإن لم يخل من الدوافع الذاتية بالكلية – فهو مشحون بدوافع قيمية صادقة وهؤلاء يمكن أن يوجدوا ضمن النخبة العليا ولكن دون تأثير قاعدي واضح، أو يمكن أن يكونوا بين النخبة المعيارية. فإذا جمعتهم هذه القيم والمثل في شكل تنظيمات مجتمعية، كالأحزاب السياسية، أو المنظمات الطوعية، أو ما شابه ذلك، أمكن لهم أن يكونوا سنداً كبيراً في معركة نشر الوعي والتنوير.3. النخبة الصاعدة: وهم الذين يمثلون مستقبل النخبة في البلد، هم المتفوقون في المدارس والجامعات وأصحاب المواهب والإمكانات الذاتية العالية من الشباب الذين لم يدخلوا الحياة العملية بعد، هؤلاء طاقة تغيير هائلة لا تزال كامنة، والتحدي أمام النخبة العاملة للتنوير – النوعين سابقي الذكر – أن يعملوا على استيعاب هذه الفئة إلى صفهم، فالشاب الذي لا يزال لديه فرصة الاختيار الأول يمكن أن يُرشد منذ البداية إلى المعايير الصحيحة وطريق الوعي فلا يعبد صنماً في حياته قط! والمجد والمال والقيم كلها يمكن تحصيلها في دروب الوعي.هذه الفئات الثلاث من النخب كلها غير مستفيدة من الوضع الحالي في المجتمع، وإن كان بعضهم مستفيداً بانتمائه إلى النخبة العليا، فهو لن يخسر بحركة التنوير، لذلك يمكن حساب هذه الفئات كجبهة واحدة في معركة نخبوية هدفها تحرير المجتمع من الجهل الذي تحرسه نخبة منتفعة. الصراع الذي سينشأ بين هاتين النخبتين لن يعني بالضرورة نصراً لحركة التنوير ولكنه سيضمن على الأقل وجود تنوع فكري في المجتمع يمنحه فضيلة الاختيار التي كانت ضعيفة جداً في السابق بسبب سيطرة تيار تجهيلي على المجتمع. هذا التنوع يعطي الفرصة لانتخاب طبيعي لكي يحصل ويفعّل قانون البقاء للأصلح. على الأقل هذه الآلية تنفي أشكال التحيز الذي قد يبدو في تصنيفي للوضع الراهن بأنه ضلالي ومتأخر، فإن لم يكن كذلك حقاً استمر لأنه الأصلح أو لإجماع الأمة عليه، ولكن المهم هو أن نضمن تعريضه لمنافسة مستمرة تختبر معدنه وقدرته على الصمود في هذا العصر.لا يفوت علينا الانتباه أن النخبة التي ستعمل كحركة تنوير لن تسلم من التنافس الداخلي فيما بينها، وسيكون جوهرياً لنجاح هذه الحركة ألا يعمد المتنافسون إلى العودة القهقرى، ينبغي أن يدفع هذا التنافس الحركة إلى الأمام في شكل لولب متصاعد وليس هابطاً، ينبغي أن تعمل هذه النخبة على أن تتشكل جوائزها التي تنالها على تميزها ونخبويتها في اتجاه حركتها نحو الوعي وليس بالردة نحو الجهل.إن الشعوب القابعة الآن في قاع الأمم لن يعجزها أن توزع الملام على الجغرافيا البائسة أو التاريخ المجحف أو قهر الجبارين أو كيد الأقربين أو ظلم الحكام وفساد المسؤولين، أو ربما لاموا ببساطة الحظ ، ولكن ستظل الحقيقة الثابتة هي أن الإنسان هو عدو نفسه الأول وشيطانها الألد، وهو بذلك مناط الإصلاح وأداته وهو أول دركات السقوط وأول درجات الصعود، وهو بذلك قلب الأمة الذي إن صلح صلحت الأمة وإن فسد فعليها السلام.