14 سبتمبر 2025

تسجيل

الانتحار الذاتي للإخوان المسلمين (2)

22 ديسمبر 2015

لعب الاخوان المسلمون دورا مهما في الحياة العربية والاسلامية في القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، واستطاعت هذه الحركة ان تفرض نفسها على الساحة المصرية والعربية والاسلامية بقوة قل نظيرها. ولا شك ان توقيت انشاء الحركة مهم للغاية، فقد جاء بعد سنوات قليلة من إلغاء كمال أتاتورك للخلافة الاسلامية والقوانين الاسلامية، وأعلن حربه على الثقافة الاسلامية واللغة العربية وكل ما يمت الى الثقافة العربية بصلة.ما بين إلغاء الخلافة الاسلامية عام 1923 وإقامة جماعة الاخوان المسلمين عام 1928 رزحت مصر تحت ضغط شديد من التغيرات التي كانت تتعلق بالهوية، وشهدت الحالة المصرية والعربية هجمة شديدة من دعاة التغريب وترك الثقافة العربية الاسلامية، إلى درجة الدعوة إلى ترك كتابة اللغة العربية باحرف لاتينية كما فعل اتاتورك في تركيا عندما حول كتابة اللغة التركية من الحروف العربية إلى الأحرف اللاتينية، والثورة على الحجاب والقيم الاسلامية، والدعوة الى تبني الغرب بخيره وشره.في ظل هذه الحالة جاء ظهور جماعة الاخوان المسلمين كردة فعل على هذه الهجمة الشرسة من التغريب، للدفاع عن هوية المجتمع المصري العربية الاسلامية، والتصدي للدعوات القومية التي كانت في اوجها، وهي دعوات لم تكن في الاسلام رابطا وحيدا، بل كانت جزءا من الروابط العربية، كما عبر عن ذلك الشاعر بقوله " بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان.. ومن نجد إلى يمن.. إلى مصر فتطوان.. فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا.. لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان"، ولذلك كان من الطبيعي أن تتعرض الجماعة الى هجمة شرسة من دعاة التغريب اضافة الى هجمة النظام الحاكم الذي كان يرى في الاخوان المسلمين خطرا، رغم عدم وجود طموحات سياسية للحركة ومؤسسها الشيخ حسن البنا، بل وصل الامر بالبنا الى القول "نحن جنود الملك" في احتفال كشفي امام الملك، إلا أن ذلك لم يشفع له ولحركته.لكن التحويل الجذري في حياة الجماعة كانت إرسال متطوعين للقتال دفاعا الى فلسطين عام 1948، مما فتح العيون إلى قوة الاخوان ما يمكن ان يقوموا، ووضعها تحت مجهر الاستهداف المباشر من قبل السلطة والنخبة العلمانية والقومية المتغربة في وقت واحد، وحلت الجماعة في أعقاب عودة مقاتليها من حرب فلسطين من قبل محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء المصري آنذاك، بتهمة "التحريض والعمل ضد أمن الدولة". وبعد اغتيال النقراشي بعدة أشهر، تم اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا في 12 فبراير 1949، وهكذا أخذ العداء يتراكم في وجه الحركة رغم أنها تبنت خطا سلفيا صوفيا إصلاحيا سلميا لا يؤمن بالعنف، ومع انقلاب عام 1952 او ما يسمى "ثورة يوليو" التي استولى عليها جمال عبد الناصر، تردت العلاقة بين العسكر والجماعة على الرغم من المشاركة الاساسية والرئيسية للاخوان المسلمين في "ثورة يوليو"، إلا أن العسكر بقيادة عبد الناصر استهدفوا الحركة بشراسة وعنف وأعدموا عددا من قادتها البارزين وعلى رأسهم المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب، واستمرت حالة العداء ضد الاخوان المسلمين في عهدي السادات ومبارك، إلى أن اندلعت ثورة يناير وحملتهم إلى الحكم للمرة الأولى في تاريخهم.