13 سبتمبر 2025
تسجيلأطلّ عليكم، ليس من مكتبي في الجامعة الذي تيتم بعدي، بل غالباً من حديقتي التي تطلّ على مطبخي، فهو لا يقلّ عن أي مكان آخر من حيث الوقت الذي يستنفده، صحيح أنني شخصياً لا أحبه، بل أحترمه أحياناً، لأنه يعطي أسرتي شعورا بالأمومة، فأرضى برغم استهلاكه للوقت والجهد. ولكن، نحن الكاتبات، من المفترض أن نقدم وجبة غذاء روحي لكم، من كلمة ولغة لها نكهة جديدة وخلطة سحرية خاصة بها، تحوي شجن النخيل، وفرح الياسمين، وقلق التراب، وزرقة السماء .. ورشّة من عذابات جداتنا مع كثير من آمال بناتنا، فهل من عدالة وإنصاف؟! من أين أتيت؟! من بلاد الأدب والشعر، أطلّ عليكم من هذا الشباك العريض، بل من هذه الشرفة المشرعة على العالم والمتاعب. بلاد الأدب يا أصدقائي، غابات الروح القصيّة، تأبى غزلانها العيش في الأقفاص، تحب براري الله الواسعة، إناثها تأبى الموت إلا وهي واقفة مغتسلة بالشعر والموقف، ابتغاء سيرورة طويلة جداً وبعيدة جداً تبحث عن الحقيقة وعن عدالة تنظّم هذا الكون الفارط، وهنا مكمن خوفي الشديد ونقطة "قدم أخيل".. ولكنني قبل ذلك كله أحتمي بانتمائي وعشقي. أرطن بالإنكليزية وأعشق بالعربية، نعم أنا عاشقة من مرصد روحي حتى آخر خطوة هاربة من حدودي، محصّنة بتعويذة هذا المارد الأسمر الجريح الذي يسمونه الوطن، أنَّى رحلت أجده قد سبقني، فأعدو إليه كما يشاء .. منحوتةً في الصخر كالبتراءِ .. لا حتٌ يُصابحني أو يعتري وجهي مساء .. شاميةً كالتوت في ذوبانه، بدويةً كالعشق من خصب وماء.