30 أكتوبر 2025
تسجيليعيش المسلمون أياما طيبة مباركة جعلت مواسم للخير فمن نعم الله على عباده أن يوالي مواسم الخيرات، فهدي ديننا الحنيف يقوم على الإيجابية والطموح فيربي أبناءه على الهمة العالية والرؤية الواضحة، فيحقق الإنسان هدفه في الدنيا ويوم القيامة يفرح بجنة عرضها السموات والأرض عندئذ يفرح بنجاحه، فالإسلام دين الحضارة والرقي جعله الله الرسالة الخالدة إلى يوم القيامة، فالخالق سبحانه وتعالى جعل للأشهر الحرم مكانة عظيمة وفي هذه الأيام الكريمة ونحن في شهر رجب المحرم وإنه لهلال خير ورشد جعلها الله أيام بركة ووحدة ورخاء على الأمة، فأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قل فليشمر كل عبد مطيع لربه عن ساعديه ويغتنم الأيام المباركة ويكثر فيها من الطاعة ليفرح في يوم تشخص فيه القلوب والأبصار، فالإنسان الإيجابي هو الذي يقبل على الحياة بقلب مشرق ونفس راضية يكون الإخلاص عنوانه والإتقان سبيله، وتكون له أمنياته وطموحاته التي يحقق بها الإنجازات التي تجعله ناجحا في حياته لذا فهو جميل يرى الوجود جميلا .فاختيار بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض لحكمة يعلمها الخالق جعلها للمسلمين خاصة ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، فما إن انقضت أشهر الحج وفضله العظيم وانتهاء شهر ذي الحجة إلا وتبعه شهر كريم وهو شهر الله المحرم، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل) وقد سمي المحرم شهر الله دلالة على شرفه وفضله، فإن الله تعالى يخص بعض مخلوقاته بخصائص ويفضل بعضها على بعض فجعل الله عز وجل لعباده المؤمنين في أيام دهرهم نفحات، فتلك الأيام يداولها بين الناس كيف يشاء وما المناسـبات الإسلامية فيها إلا اصطفاء من الله تعالى لبعض الأزمان وتخصيص لها بكثير من العبادات والواجبات التي يتقرب بها العبد المؤمن إلى ربه فيحيي الله عز وجل بها قلبه يوم تموت القلوب، فتأتـي تلك الذكريات العطرة فتحرك الشعور الإسلامي في قلوب عباده المؤمنين ليقبلوا على ربهم فيزدادوا طهرا وصفاء ونقاء، فإن الله اصطفى من خلقه أصفياء فقد اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس، واصطفى من الكلام ذكره وقرآنه واصطفى من الأرض بيوت الله تعالى وهي المساجد واصطفى من الشهور شهر رمضان والأشهر الحرم واصطفى من الأيام يوم الجمعة وهو خير يوم طلعت عليه الشمس واصطفى من الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظم الله فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله سبحانه وتعالى عند أهل الدين والفهم. فإن شهر الله المحرم شهر عظيم، وهو أول شهور السنة الهجرية وأحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها:(إن عدة الشهور عند اللَّه اثنَا عشر شهرا في كتَاب اللَّه يوم خلَق السموات والأَرض منها أربعة حرم ذَلك الدين القَيم فَلا تَظلمُوا فيهن أَنفسكم) التوبة:36 وفيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:( السنَة اثْنَا عشر شهرا منها أَربعة حرم: ثَلاثَة متَواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) رواه البخاري فهذا الشهر الكريم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه جاء التفضيل له عن غيره، لذا يدعو الله المسلمين للإكثار من القربات بالصيام وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث عظيم ونصر مبين ظهر فيه الحق على الباطل حيث نجى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام وقومه وأغرق فرعون وقومه فهو يوم له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة هذا اليوم العاشر من شهر الله المحرم وهو ما يسمى بيوم عاشوراء فهو يذكرنا بانتصار نبي الله موسى عليه السلام فلا عجب فالمسلم يعي أخوة الأنبياء ويؤمن بهم جميعا ذلكم هو يوم عاشوراء ولقد حبا الله هذا اليوم فضلا فضاعف فيه أجر الصيام، ثم كان للناس فيه طرائق فأدخلوا فيه وأحدثوا وزادوا في أمور الدين ما ليس منه، فإننا في زمن تتعرض فيه السنة النبوية لأخطار عديدة تحيط بها من جميع الجهات، لذا وجب على كل مسلم يؤمن بالله وبرسوله أن يعلم قدر السنة ومكانتها في الدين، فيقدرها بقدرها ويعلم أن كمال الإيمان في الاتباع والتأسي بخير مخلوق عرفته البشرية صلى الله عليه وسلم، فعندما قيل له إن هذا يوم نجى الله فيه موسى قال: نحن أحق وأولى بموسى منهم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، وقـد جاء أيضا في بيان فضل صيام يوم عاشوراء عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم عـاشوراء، فـقــــال صلى الله عليه وسلم: يكفّر السنة الماضية.