16 سبتمبر 2025
تسجيلنشتكي دائماً من عدم بركة المال، مع أننا حرصنا على جمعه بالحلال، فعندما يأتي المال يفتح له أبواب عديدة للخروج من عندك، فيضيع هباء منثوراً، ويطير كما تطير الرمال في مهب الريح، فما سر ذلك؟ من المؤكد أن نجد أننا لم نصرف زكاتنا على وجه مستحقيها بشكل صحيح، فالزكاة عبادة مالية، فرضت في السنة الثانية من الهجرة، وقيل في السنة الرابعة، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، جاءت النصوص الكثيرة من كتاب الله، ومن سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمشروعيتها، وغالبها مقرون بالصلاة وبالجهاد وبالصبر، دفعها مظهر لشكر الله تعالى على كرمه وتكرمه وفضله وتفضله. دافعها مرضاة الله ورحمته ومغفرته، ومنعها سبب من أقوى الأسباب لغضب الله ومحق المال. سأتحدث بعدة مقالات عن هذه الفريضة المهمة من خلال (1: تعريفها، 2) اهميتها، 3) اهدافها، 4) وجوبها، 5) أوجه صرف الزكاة، 6) الأموال التي تجب فيها الزكاة. أولا: تعريفها: فالزكاة (لغة): — البَرَكة والنماء والطهارة والصَّلاح وصفوةُ الشيء. قال تعالى: في سورة الروم الآية 39: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)، وقال تعالى: في سورة التوبة الآية 103: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)، وقال تعالى في سورة الشمس الآية 9: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)، وقال تعالى في سورة النجم الآية 32: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ). والزَّكاةُ (شرعاً): — حِصّةٌ من المال ونحوه، يوجب الشرعُ بذلها للفقراءِ وسميت الزكاة، لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه، وتنقيه من الآفات، كما قال ابن تيمية: نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو، بمعنى يَطْهُر ويزيد، أما اصطلاحاً: — فهو الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغني. ومعناها في الاصطلاح الشرعي: حق واجب في مال مخصوص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص، وهذه القيود في هذا التعريف مقصودة لإخراج ما قد يظن دخوله فيها، باعتبار الزكاة حقاً واجباً، وأنها ليست تفضلاً وتكرماً من دافعها، وإنما هي حق تعلقت ملكيته بغير من هي بيده من ملاك الأموال الزكوية، فمنعها منع حق يلزم أداؤه لمستحقه. اخيراً: بين فضل إخراج الزكاة في قوله تعالى بسورة "المؤمنون" بدخولهم أعلى منزلة في الجنة، وهي جنة الفردوس: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11).