11 سبتمبر 2025
تسجيلما أجمل أن تمتلئ أروقة المدارس بالزينات والفرح والسرورلاستقبال أبنائنا الطلاب تحضنهم وتلقي على أسماعهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فينشأ جيل يبني ويعمِّر فتتقدم بهم الأمة، فغرس القيم السلوكية النبيلة في نفوس الطلاب من أهم الواجبات التربوية التي يجب إعطاؤها الأولوية في منظومة تحقيق الأهداف التربوية، والمتأمل لواقع المؤثرات السلوكية العامة وما طرأ على الحياة الاجتماعية للأسرة في ضوء معطيات العصر الحديث في مجال التواصل الثقافي والإعلامي والاجتماعي بين شعوب العالم، مما يحتم علينا جمعيا ضرورة مساعدة الطلاب بصفة خاصة على التعامل الإيجابي الفاعل مع هذه التحديات المعاصرة وحجم المسؤولية فيما يجب أن تقوم به المدرسة مديرا ومعلمين وأخصائيين في الحفاظ على القيم الإسلامية وغاياتها النبيلة وتحصين الطلاب الذاتي ضد أي سلوكيات سيئة تنبعث من أصدقاء جلسات السوء أو عوامل أخرى من سوء التعامل مع الإنترنت أو غياب دور الأسرة، فمع دقات عقارب الساعة في هذه الأيام من بداية هذا الأسبوع، وها نحن قد عدنا من إجازتنا الصيفية ونحن بين من هو محمل بالحسنات وآخر أضاع وقته، ومنّا من أثقلت كاهله الهموم ومن هو فرح بهذه العودة، وها نحن نستقبل عامنا الدراسي الجديد، ومع جرس الحصة الأولى من بداية العام الدراسي الجديد، فلنا هنا وقفات أردت أن نقفها جميعا لعل فيها ذكرى للذاكرين. في هذه الظرف السعيدة والتي ترتفع معها دقات قلب الآباء من كثرة الطلبات للأبناء وتوفير احتياجاتهم المدرسية، ومن ناحية أخرى فرط سعادة الآباء بأبنائهم الذين سيتوجهون إلى قاعات الدراسة، فأداء الأبناء للواجبات الدراسية يسعد الآباء؛ لأن المرء يعلم أن الدرجات التي يرتفع بها العبد عند الله ليست كدرجات الدنيا وترقياتها، إنما يرفع الله المؤمنين بما علموا من أمور في دينهم وما استقاموا على أصوله والتزموا شرائعه، ولا يمكن للمرء أن يلتزم إلا بشيء قد جاءه العلم به، لذا حث الإسلام الناس على العلم والتعلم وجعل الذين يعلمون أعلى درجة من الذين لا يعلمون، فكان الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على طلب العلم، فقال: من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة، وأمرنا أيضا بالجد في طلب العلم والحرص على التعلم، فقال: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، فالإسلام رفع مكانة المتعلم، فقال الله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر:9، فإن دور المدرسة واضح وجلي في تثقيف الناشئة وتربيتهم بما تقدمه لهم من خبرات منظمة ومتنوعة وأنشطة مختلفة ومعلومات تغطى مختلف مجالات المعارف الإنسانية، كل ذلك في إطار فلسفة تربوية واضحة المعالم، تستقي ذلك من الإطار العام لحياة المجتمع وأهدافه وحاجات التلميذ ومطالبه ومتطلبات العصر، فالمدرسة مؤسسة تربوية وتعليمية أنشأها المجتمع خاصة لتربية وتعليم صغاره وكالة عن الكبار المشغولين في مشاغل الحياة، ونيابة عن المجتمع في نقل تراثه الثقافي إلى الصغار وللمدرسة وظائفها الهامة في المجتمع، فإنك تجد فيها المتخصصين في مجالات العلم والمعرفة، لتقوم بتلك الوظائف، ومن ثم فهي تبلور اتجاهات المجتمع وتعكس إطار حياته، فلقد كان المنهج النبوي يعتمد على إعداد جيل يفكر ويفهم ويبدع ولا يقف عند حد حفظه المسائل والمعارف ثم ينساها، فرعاية السلوك وتقويمه هدف تربوي وتعليمي يجب أن تهتم به القطاعات المختلفة في مجال التوعية والتوجيه كافة، حيث لا يقتصر هذا الهدف على المدرسة وحدها، بل لا بد أن تتحمل كل جهة نصيبها في تحقيق ذلك، كما يجب على المربين ربط المادة العلمية بالتطبيق اليومي في الحياة وتحويله إلى سلوك عملي حتى لا يقع الطالب في حيرة بين ما يتعلم وما يمارس ، كما يجب التعامل داخل المدارس مع الأبناء والطلاب تعاملا إنسانيا حسنا يراعي ما حوله من مؤثرات، فلا بد من أخذها في الاعتبار، لذا يجب الاستثمار الأمثل لطاقة الطالب إلى أقصى درجة وفتح المجال له لتصريفها تحت إشراف تربوي ينطلق من الروح التي أشاعها الإسلام في جو العلم، إذ جعله فريضة يتقرب بها فاعلها إلى الله ويتخذ من العلم وسيلة لمرضاته، فإن التعامل مع النفس الإنسانية يختلف كثيرا عن التعامل مع الآلة الصماء لذلك كان توجيه الإنسان وتعليمه وتربيته على القيم والمثل وتقويم سلوكه يحتاج إلى الصبر وطول النفس وصدق العزيمة وأهمية التوجه لبناء أجيال صالحة تنفع نفسها وبلدها، كما يجب منح الأبناء الثقة في أنفسهم وإعطائهم مهام ومسؤوليات تتناسب وقدراتهم واستخدام أساليب الحوار الهادف البناء لمعالجة القصور في سلوكهم وتنمية روح القيادة وتحمل المسؤوليات.