14 سبتمبر 2025

تسجيل

في ذكراها الرابعة والثلاثين الحرب المنسية التي غيّرت وجه المنطقة!

22 سبتمبر 2014

في يوم 22 أيلول/ سبتمبر 1980 اندلعت نيران أشرس وأفظع حرب إقليمية في الشرق القديم، كلفت شعوب المنطقة وأنظمتها أيضا تكاليف إنسانية ومادية وسياسية هائلة، وكانت مدخلا فظا لمتغيرات الواقعين الإقليمي والدولي، وجرت تحت ركام جثثها وبقاياها وآلامها صفقات عديدة ومآس كثيرة، كما جرت تحت جسورها دماء وأشلاء لا حصر لها. فتحت غطاء تلك الحرب التي استنزفت كلا من العراق وإيران تم تدمير المشروع النووي العراقي في السابع من حزيران / يونيو 1981، كما تم احتلال بيروت من قبل الجيش الإسرائيلي صيف عام 1982 وطرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان نحو الدياسبورا الفلسطينية بعد مجازر بشرية مرعبة في صبرا وشاتيلا. في عام 1979 نشأ في العراق وضع سياسي انقلابي حاد تميز بهيمنة الرئيس العراقي السابق صدام حسين على مقدرات السلطة بالكامل بعد أن تم إعدام العشرات من قياديي حزب البعث الحاكم والذي تم تهميش دوره السياسي منذ ذلك التاريخ وتحول لإقطاعية عائلية خاصة بالرئيس وجماعته وتم تحويل السلطة السياسية من سلطة الحزب الواحد لسلطة القائد الأوحد، وهو الأمر الذي تزامن مع زلزال إقليمي كبير تمثل في سقوط عرش الطاووس الإيراني في فبراير 1979 وإعلان الجمهورية الإسلامية التي دخلت في أتون صراعات داخلية عنيفة بين الأحزاب والجماعات الإيرانية كما تبلورت فكرة الثورة التبشيرية في المنطقة بعد أن تصاعدت المواجهة بين السلطة الإيرانية الجديدة والنظام العراقي.. وحيث حاول الإيرانيون تفعيل المواجهة بين نظام العراق والمعارضة المسنودة من إيران مما أدخل المنطقة في صراعات عنيفة انعكست عبر قيام نظام صدام بحملات قمع أمنية واسعة تفاعلت مع سخونة الحدود بين البلدين، وكان الشعار والهدف العراقي المعلن هو العمل على إلغاء اتفاق الجزائر الحدودي لعام 1975 الذي تنازل العراقيون فيه لشاه إيران عن السيادة العراقية في شط العرب! وهو ما يمثل نقطة سوداء في جبين الحكم العراقي الأمر الذي أدى لإعلان العراق الحرب الشاملة على إيران في 22/9/1980 وتم احتلال مدينة المحمرة وحصار ميناء عبادان النفطي، وبدأت طاحونة الحرب التي اعتبرها النظام الإيراني هدية ثمينة لأنه تمكن تحت غطاء أصوات مدافعها من التخلص من كل أشكال المعارضة الداخلية بعد أن استطاع امتصاص صدمات الحرب الأولى، وبعد أن كان التقدير العراقي لأمد الحرب لايتجاوز الأسبوع أو الشهر الواحد على أبعد تقدير! فإذا بها تدخل العام الأول بتمكن الجيش الإيراني من فك حصار عبادان ومن ثم التقدم لاسترجاع المناطق المفقودة وخصوصا (المحمرة) في ربيع 1982، ثم أعلن في أواخر مايو 1982 عن انسحاب الجيش العراقي من الأراضي الإيرانية، لتدخل الحرب في عامها الثاني لمرحلة جديدة تمثلت في انتقال العمليات إلى العمق العراقي اعتبارا من ليلة 13/14 يوليو 1982 والهجوم الإيراني الواسع جدا في شرق البصرة الذي كان يستهدف احتلال وعزل البصرة عن العراق!!، ولتشهد سنوات الحرب الست اللاحقة صولات وجولات وعمليات كر وفر مع تصاعد الخسائر البشرية المروعة خصوصا وإن إيران كانت تصر على هدفها الرئيسي في إسقاط النظام العراقي السابق!! قبل أن يتم حسم الموضوع وإنهاء الحرب بعد تطورات سياسية وميدانية انتهت في صيف 1988 بعد أن وافق الجانب الإيراني على القرار الأممي 598 الذي رسم لوحة النهاية لتلك الحرب الضروس التي كانت الفاتحة للأسف في سلسلة حروب تناسلت لاحقا.. بدأت مع غزو النظام العراقي لدولة الكويت في 2 /8/1990 وما تبع ذلك الحدث الجلل من مآس إقليمية لم تزل مستمرة حتى اللحظة!!.. إنها صفحات سوداء في تاريخ المأساة في الشرق القديم.. فهل تم أخذ العبر؟.. فما أكثر العبر وما أقل... الاعتبار...!