14 سبتمبر 2025

تسجيل

الفساد عابر القارات

22 سبتمبر 2014

لا يخلو أي نظام إداري أو دولي أو وطني في كل أنحاء العالم من حالات نسبية للفساد تتفاوت بين أدنى الحدود، حيث يسيطر نظام للرقابة والشفافية والنزاهة، وحد أعلى سلبي ومؤسف لا يوجد به نظام رقابي أو عدلي أو حقوقي يراعي مصالح غالب المواطنين التي ينهشها قلة منتفعة في المؤسسات والإدارات تمارس أسوأ وأبشع إهدار الحقوق العامة والوطنية دون اعتبار إلى أي قواعد أخلاقية أو وطنية أو دينية في إساءة التصرف أمام المال العام.قد تتزايد حالات الانهيارات في الشفافية والنزاهة في دول إفريقيا، ثم تليها الدول العربية، ولكن كيف هو الحال في الدول الغربية؟ إنها تعاني ولا شك، ويمكن الجزم بأن معظم الشركات الكبيرة والعابرة للقارات لا تعمل دون نسبة مقدرة من الفساد الإداري والمالي، من خلال تقديم الرشاوى وتسهيل المصالح المتبادلة، وإذا تكشفت وتتكشف كل فترة وأخرى بعض الفضائح التي تتعلق بالرشوة والاختلاس، فذلك هو رأس الخيط، لأن الغربيين ماهرون في إخفاء هذه الجرائم ويغطونها بحجاب كثيف إلا إذا تعارضت المصالح وأراد طرف الإضرار والنيل من الطرف الآخر، حينها ما عليه سوى الاتجاه إلى أي وسيلة إعلام أو المواقع الاجتماعية وتزويدها بما لديه من معلومات ووثائق تكشف المستور.مؤخرا قدمت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا يفيد بأن السلطات البريطانية ألقت القبض على أربعة موظفين سابقين وحاليين بوحدة لشركة إيرباص تعمل في السعودية, وأنها استجوبتهم في إطار تحقيق يتعلق بمزاعم فساد.ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن مكتب قضايا الاحتيال الخطيرة البريطاني استجوب اثنين من موظفي شركة جي بي تي سبيشال بروجكت مانجمنت، وذلك يعيدنا إلى أنه لا توجد شركة أو مؤسسة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، بمنأى عن مثل هذه السلوكيات غير الأخلاقية، وهي موجودة في الغرب بعكس الصورة الذهنية المثالية عن أن الغرب يلتزم بالنظام والأنظمة وأن معاييره الأخلاقية قوية، وما نتحدث عنه من فساد في مجتمعاتنا ودولنا سيئ، مقارنة بالغرب.كل ذلك محض خيال، فالغرب يمارس الفساد بشكل منهجي يضع قوانينه وأنظمته في آخر اهتماماته، ولكل قانون استثناء أطول منه، وحين يقع شخص ما في الفخ فإن من حول أمام خيارين، إما التضحية به ككبش فداء، أو الاستماتة في حمايته إذا كان سيورط غيره، ولذلك ينبغي ألا نسرف الظن في نزاهة الغرب على حساب ما لدينا والعمل على التزام قيمنا الضامنة لعدم انهيارنا.