12 سبتمبر 2025

تسجيل

تعاون اقتصادي واعد بين دول التعاون وروسيا

22 سبتمبر 2013

تجمع دول مجلس التعاون الخليجي بروسيا الاتحادية مصالح إستراتيجية واقتصادية مهمة للغاية، وبالأخص بعد التغيرات الجذرية التي طالت العلاقات الدولية في السنوات القليلة الماضية والتي تمخض عنها تغيرات مماثلة في موازين القوى على المسرح الدولي، حيث لا تعبر العلاقات الحالية عن حجم المصالح المشتركة التي تجمعهم. من هنا جاءت زيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لموسكو لتعبر عن هذا التوجه الرامي للاستفادة من التطورات الجارية في العالم وإيجاد علاقات أكثر توازنا وتسخير هذه العلاقات للحفاظ على المصالح ودعم النمو بالاعتماد على التوجهات الإستراتيجية بعيدة المدى. وواقع الحال يقول إن مجالات التعاون هائلة، إلا أن وضعها الحالي لا يعبر عن الإمكانات، كما أشار إلى ذلك الرئيس بوتن، فالتبادل التجاري بين الإمارات وروسيا على سبيل المثال بلغ في العام الماضي 5.5 مليار درهم، وهو مبلغ متواضع جدا، إذا ما قورن بالقدرات التصديرية للإمارات وبالحجم الكبير للسوق الروسية وعدد السكان الذي يتجاوز 143 مليون نسمة، حيث يمكن الإشارة هنا إلى حجم التبادل التجاري مع الصين بلغ 147 مليار درهم العام الماضي. ويتوقع أن يترتب على هذه الزيارة نتائج مهمة، مما سيتيح فرصا استثمارية لا حدود لها، وبالأخص أن هذه الزيارة توجت باتفاقيات اقتصادية واستثمارية بين دائرة المالية بأبوظبي وصندوق الاستثمارات الروسية المباشرة، بحيث تقوم الدائرة باستثمار 5 مليارات دولار في البنية التحتية في روسيا. وتشترك روسيا ودول مجلس التعاون في العديد من القضايا المتشابهة باعتبارها دولا منتجة للنفط والغاز، حيث تستحوذ دول المجلس إلى جانب روسيا الاتحادية على أكثر من 30% من إنتاج النفط في العالم، إلا أن تعاونهما في هذا المجال مازال محدودا، علما بأن شركات النفط الروسية تملك استثمارات ضخمة في بعض البلدان العربية، كالعراق والجزائر وليبيا. وفيما عدا النفط، فإن روسيا تعتبر من المزودين الرئيسيين للسوق العالمية ببعض المنتجات الزراعية، وبالأخص القمح والشعير، هذا عدا عن صناعاتها العسكرية المتطورة وتقدمها في علوم الفضاء والاتصالات. أما دول المجلس والتي حققت صناعاتها، بما فيها الصناعات الاستهلاكية التي تحتاجها السوق الروسية بشدة، تقدما ملحوظا في السنوات الماضية، إلا أن الترويج لها وتسويقها في روسيا مازال ضعيفا، علما بأن المنتجات الخليجية تتمتع بمواصفات عالمية وقدرة تنافسية عالية، إذ إن الانفتاح على السوق الروسية يمكن أن يؤدي إلى إقامة مشاريع مشتركة في كافة القطاعات ويساهم في تنمية المنتجات في دول المجلس وروسيا وفي تنويع الدخل الوطني وتوفير الكثير من فرص العمل للمواطنين لدى الطرفين. لقد تطورت العلاقات في العديد من المجالات في العقدين الماضيين وافتتحت خطوط اتصال وطيران مع العديد من المدن الروسية، إلا أن قطاعات مهمة أخرى لم تطرق حتى الآن، فالتعاون في القطاع المالي والمصرفي مازال ضعيفا، علما بأن هذا القطاع بالذات بإمكانه المساهمة في تمويل المشاريع المشتركة وزيادة التبادل التجاري بين الجانبين. وفي هذا الصدد يمكن افتتاح فروع لبنوك روسية وفي المقابل يمكن للبنوك الخليجية افتتاح فروع لها في روسيا، كما يمكن النظر في إقامة مؤسسات تمويل وبنوك مشتركة مما سيؤدي إلى نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية وتبادل المصالح. لقد فتحت آفاق واسعة أمام تنمية استثمارات القطاعين الحكومي والخاص، مما يتطلب من القطاع الخاص الخليجي الاستفادة من الفرص المتاحة في السوق الروسية الكبيرة وأن يسعى لمد الجسور مع القطاع الخاص الروسي، خصوصا وأنه يتمتع بالدعم الحكومي وبالكثير من التسهيلات التي تقدم له.