31 أكتوبر 2025
تسجيلتمضي بِنَا الأيام سريعًا فينقضي العام تلو الآخر بسرعة تشبه الطيف، لا نكاد نشعر بالأيام أو الشهور، ونجد العام قد انتهى، ونحن في هذه الأيام يوشك عامنا أن ينقضي بكل ما فيه، ويُظِلُّنا عام جديد. ولا شك أن الأعوام هي عَدَّاد العمر ورأس مال المسلم الحقيقي في هذه الحياة الدنيا. فيجب أن نغتنم فرصة العمر؛ فقد خلق الله الليالي والأيام وجعل الحياة مراحل نقطعها إلى الدار الآخرة فحياتنا محطات نتزود منها وسجلات وصحائف نضع فيها الأعمال؛ فلا بد من وقفة وجلسة محاسبة لكل منا في حصاد العام؛ ليرى كم جنى من طيب الثمار! وكم ضيع وفرط في الزرع حتى كانت ثماره قليلة وهزيلة!. فكم مضى من أعمارنا من أيام وأسابيع وشهور وفي كل لحظة نقوم فيها بعملٍ سيكون لنا أو علينا؛ يقول الله تعالى: { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران الآية: 30]. ومع الأسف الشديد نجد بعض الناس يهتم في نهاية كل عام بمراجعة حساباته في الشركات والمشروعات وما تم تحقيقه من المكاسب المادية في هذا العام، وينسى تمامًا المحاسبة الأهم وهي محاسبة النفس، والحصاد الحقيقي وهو حصاد الأعمال التي تقربك إلى الله. فيجب على كل مسلم في نهاية العام أن يُكثِر من الثناء على الله، والحمد والشكر له سبحانه؛ أنْ مدَّ في أعمارنا ووفَّقنا لبلوغ مواسم الخيرات. "روي أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أيُّ النَّاسِ خيرٌ؟ قالَ: مَن طالَ عمرُهُ وحَسُنَ عملُهُ، قالَ: فأيُّ النَّاسِ شرٌّ؟ قالَ: مَن طالَ عمرُهُ وساءَ عملُهُ". وينبغي الحرص على التوبة الصادقة النصوح في كل وقت وكل حين، وصدق الإقبال على الله، والطمع فيما عنده من الخير فيما هو قادم، والاعتبار والعظة بسرعة الأيام وانتهاء العام، فكأنه بدأ بالأمس، مرت أيامه كلمح البصر، والناس منشغلون في أعمالهم، وكل إنسان يختار مستقبله حسب عمله وأحلامه وطموحاته. فلا بد من التخطيط الجيد للآخرة قبل الدنيا حتى لا تخدعنا الأوقات قبل فوات الأوان؛ فقد قال رسولنا صلى الله وعليه وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ" [رواه البخاري]. الاعتبار والعظة بما يمر علينا من الآيات الكونية اليومية والشهرية والسنوية من الليل والنهار، والشمس والقمر، والصيف والشتاء والخسوف والكسوف. وعلينا الاعتبار والعظة بالوقائع التي وقعت في هذا العام من المواليد الذين يستقبلون الحياة الدنيا والوفيات الذين يغادرونها، وكذلك الاعتبار والعظة بتغير أحوال الناس ما بين الفتوَّة والهرم، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والعز والذل، والهزيمة والانتصار، والهداية والضلال، فكم من إنسان صحيح حاصرته الأسقام، وكم من إنسان عليل عافاه الله وتغيرت الأحوال، فكل هذه الأمور مهمة لكل مسلم في حصاد العام حتى نسعد في الدنيا والآخرة، وحتى لا نغفل عن الهدف الذي خلقنا الله من أجله وهو العبادة. اللهم آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وأماننا، اللهم إنّا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم أدم علينا النعم وعلى جميع المسلمين والمسلمات.. اللهم آمين. [email protected]