12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تصلح النظرية الأردوغانية للتطبيق في المؤسسات؟

22 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هل يمكن الحذو بما جرى في الأحداث الأخيرة في تركيا -حيث قام أردوغان بتطهير البلاد من العناصر "السامة" والفاسدة- كنموذج يحتذى به في الشركات والمؤسسات؟ عزم الرئيس التركي بعد فشل محاولة الانقلاب الأخيرة على تطهير البلاد من العناصر الفاسدة في مختلف الجهات الحكومية، مثل الجيش والقضاء والإعلام... إلخ. الطريقة التي اتبعها أردوغان تعد مثلا يحتذى به في التخلص الجذري من أي عوامل تمثل تهديدًا مباشرًا لنجاح أي مؤسسة. وبالتالي تكون الأولوية القصوى هي الحفاظ على كيان المؤسسة بكل الوسائل المتاحة. وقد عمد في أسلوبه على التخلص من العناصر الفاسدة على كافة المستويات من المناصب العليا إلى المناصب الدنيا. وقد أثبتت التجربة أن اقتلاع الرؤوس الفاسدة من القمة هو الأمثل والأصعب لأنه من دون اقتلاع الفروع والجذور الفاسدة، ستظل هناك عناصر سيئة كامنة قادرة على اجتذاب المزيد من العناصر الأخرى والتي هي على شاكلتها، فتتكرر المأساة نفسها بحذافيرها. هناك نماذج مختلفة للعناصر الفاسدة، ولذلك نجد أن العوامل المحفزة لفسادهم قد يكون لها أسباب متباينة. على سبيل المثال بعضهم قد يكون مجبرًا على هذه الممارسات بسبب ضغط من الإدارة العليا أو قد تتم ترقيتهم لمناصب أعلى من قدراتهم الفعلية. وبالتالي فإن التعامل مع الفساد الإداري يختلف باختلاف مسبباته، ما يستوجب معرفة ودراية كافية بدوافعه حتى يمكن التصدي له بفاعلية وحسم. الدلائل المعروفة على وجود عناصر فاسدة في المؤسسات تشمل: * غالبًا ما تكون إنتاجية العناصر الفاسدة أقل من إنتاجية موظفين آخرين في المناصب نفسها. وبالتالي قد تكون المشكلة الأساسية ناتجة عن وجود موظف في منصب لا يتناسب مع مؤهلاته ومهاراته أو قد يكون في حاجة إلى بعض التدريب ليصل إلى المستوى المطلوب. أما أسوأ الفروض المحتملة فهي تعيين موظف غير كفء في منصب بسبب "الوساطة" أو المحسوبية. * أما النوع الثاني فيتمثل في العناصر التي تختلق الأزمات والمشاكل. وهم بذلك يحاولون تسليط الانتباه على أنفسهم ليعطوا انطباعًا زائفًا أن لهم دورًا وتأثيرًا أكبر من حجمهم الفعلي. * أما النوع الآخر فهم أولئك الذين يحصرون كل ما يقومون به في منفعتهم الشخصية. فهم لا يرحبون بالعمل الجماعي وبالتالي لا يسعون لتكوين فريق العمل أو التعاون مع الآخرين. ويصل بهم الأمر إلى أنهم لا يرغبون في تنمية مهارات موظفين آخرين خاصة القطريين منهم. * تلك العناصر الفاسدة التي لا يعنيها سوى تحقيق مصالحها الشخصية بأي طريقة لا أخلاقية وغير مهنية. * العناصر الفاسدة لا يألون جهدًا في سوء استغلال من يعملون معهم، إما بغرض الضغط عليهم ليتبعوا أسالبيهم غير الأخلاقية أو بغرض مغايرة الواقع وإعطاء صورة زائفة عن إنجازاتهم للإدارات العليا. * تلك الفئة من العناصر الفاسدة تتمثل في أولئك الأشخاص الذين لا يعترفون بأخطائهم أو تقصيرهم، بل لا يتورعون عن إلصاق التهم بالآخرين بها وإلقاء اللوم عليهم. * ولا ننسى أولئك المتسلقين المدَّعين لا يجدون أي غضاضة في أن ينسبوا إنجازات زملائهم إلى أنفسهم. النتائج المترتبة على عدم تطهير المؤسسات من جميع العناصر الفاسدة: وكما ذكرت سابقًا، فإن التخلص من العناصر الفاسدة في الشركات والمؤسسات يجب أن يتم بطريقة صحيحة ومدروسة تضمن القضاء على كل هذه العناصر دفعة واحدة، إذ إن أي فشل في تحقيق هذا الهدف بدقة وحسم يمكن أن يؤدى إلى عواقب وخيمة منها: * سيحدث انخفاض ملحوظ في إنتاجية الموظفين الجيدين لأنهم سيكتشفون أنهم لا يُكافَأون على إنجازاتهم، بينما يحظى الفاسدون ضعيفي الكفاءة بالترقيات والمكافآت. * لن يجرؤوا الموظفين المجتهدين أصحاب القيم على كشف مظاهر الفساد إذا استشعروا أن الإدارات العليا لها يد فيه، وبالتالي قد يتسترون على الفساد خوفًا على مستقبلهم الوظيفي. * وبناءً على ذلك وفي ظل هذا المناخ غير العادل، سيفضل الموظفون الأكفاء العمل في مؤسسات أخرى تقدر كفاءاتهم وإمكاناتهم. * أي براعم خبيثة للفساد في المؤسسة ما لم تتم محاسبتها، ستتحول إلى ما يشبه الورم السرطاني الذي سرعان ما سيتغلغل في كل أنحاء المؤسسة. إذًا ما الطريقة المثلى لتطهير المؤسسات من العناصر الفاسدة؟ تقع هذه المسؤولية الجسيمة على عاتق قيادات المؤسسة التي يجب أن تأخذ موقفًا حاسمًا يهدف إلى تطهيرها من كل العناصر الفاسدة على كل المستويات، وذلك بدءًا من الإدارات العليا ووصولًا إلى أقل المناصب دون استثناء. وكما أوضحت فيما سبق، فإن التخلص من بعض العناصر الفاسدة دون غيرها لن يعالج المشكلة بل قد يعيد إنتاجها من جديد. وعلى القيادات أن تستعين بإدارة الموارد البشرية لتحديد هذه العناصر بدقة والتعرف على دوافعها، فإذا ثبت فسادها بالدليل القاطع، وجب التخلص منها فورًا. هناك قولان مأثوران ينطبقان على هذا الموقف: الأول: "إذا أردت أن تنظف السلم فابدأ تنظيفه من الأعلى". والثاني: "لا تترك تفاحة فاسدة واحدة تتلف البقية". على قدر بساطة القولين، فإنه في كثير من الأحيان تكون الحلول البسيطة هي الحلول المثلى. وفي سياق تطهير المؤسسات من العناصر الفاسدة بشكل جذري، فإن العمل على تطبيق القولين هو الطريق الأمثل لضمان أن يقوم كل موظف بدوره على أفضل وجه لتحقيق أقصى درجات النجاح للمؤسسة.