13 سبتمبر 2025
تسجيلفي 13 أغسطس من كل عام و منذ 1956 يحتفل التوانسة بعيد سموه عيد المرأة وهو تاريخ 13 أغسطس 1956 يوم توقيع آخر ملوك المملكة التونسية المغفور له محمد الأمين باشا باي على مرسوم ملكي سام يتعلق بإلغاء الأحكام الشرعية الإسلامية المنظمة للأسرة و الزواج و المعمول بها كسائر بلاد المسلمين منذ 14 قرنا و ذلك بتأثير من بورقيبة الذي عينه الملك رئيسا للحكومة عوضا عن الطاهر بن عمار الذي وقع وثيقة الإستقلال و تم إقرار قانون جديد يسمى مجلة الأحوال الشخصية يحرم الزواج بامرأة ثانية تحت أية حجة حتى لو كانت الزوجة عاقرا فالزوج لا يمكنه الزواج بثانية فيضطر إلى طلاقها (للضرر....!) فيقع حرمانها من الأمومة العاطفية بتربية عيال ضرتها وكسب مودتهم ثم يلقى بها في الشارع لتكون عرضة للدعارة ! و أصبح الطلاق لا يتم إلا في المحاكم لكن الواقع المرير اليوم جعل المحاكم تغص بالملفات بشكل يجعل هيئات السادة و السيدات القضاة لا تستطيع البت فيها و لكل من يشك في كلامي أن يتفضل بحضور جلسات الأحوال الشخصية في أية محكمة يختار وهي جلسات علنية ليكتشف أعداد الأطفال المشردين والأمهات التائهات بين المحامي وكاتب المحامي و العدل المنفذ و الإذن على عريضة على مدى سنوات أحيانا إلى درجة أن أحد الأزواج نشر تضرعا على صفحات جريدة الصباح يقول فيها أنه منذ ثلاثة أعوام تقدم بقضية في الطلاق إنشاء ( أي يتحمل هو جميع التكاليف و يتقبل جميع التبعات) و لم يصدر له حكم في الطلاق لأسباب عديدة كأن تقول المحكمة أنها ليست جهة الإختصاص لأن الزوجة تتحايل و تغير محل سكناها و هو إلى اليوم معلق ! ! وأنا أطالب ببساطة وبعيدا عن كل غاية سياسوية أو عقائدية أن تبعث الحكومة لجنة خبراء في القانون وعلم الاجتماع وعلوم الدين وممثلي جمعيات مدنية للنظر في مواقع الخلل صلب مجلة الأحوال الشخصية لتصحح بعض ما أثبتت الأيام انعكاساته السلبية على الأسرة والمرأة و الأطفال فالقانون كل قانون هو كالدواء يجرب و بعد مدة تنظر لجنة من الصيادلة و الأطباء في إنعكاساته السلبية فتعاد تركيبته حفاظا على حياة الناس و صحتهم أو يسحب من الأسواق في حالات قصوى لأن القوانين هي كائنات اجتماعية حية و ليست نصوصا منزلة من السماء حتى يرفع بعض الديماغوجيين لها شعار (خط أحمر) و فرنسا ذاتها التي يعتبرها العلمانيون قدوتهم و مثلهم الأعلى قامت بهذه التصحيحات عديد المرات وخلال هذه السنة 2014 سن البرلمان الفرنسي تعديلا بطلب من السيدة (توبيرا) وزيرة العدل في حكومة (هولند) يسمح بالطلاق بواسطة شبكة الأنترنت في حال التراضي بين الزوجين ثم إن الذي لا يريد الفرنكوفونيون الاعتراف به أو الحديث عنه هو أن فرنسا تبيح تعدد الزوجات حتى بالقانون ولا تتدخل السلطة في ما يسمى (باكس) وهو ارتباط رجل و امرأة بعقد بلدي و ينجبان و يورثان و هذا معمول به حتى في رأس هرم السلطة فالرئيس الأسبق فرنسوا ميتران عاش عمره كاملا مع زوجتين: السيدة دانيال ميتران أنجبت له ولدين و السيدة (أن بينجو) أنجبت له بنتا بهية الطلعة سماها على بركة المسيح (مازارين) وهي اليوم صحفية ناشطة في فرنسا أما الرؤساء الذين خلفوه فنجد من بينهم نيكولا ساركوزي المتزوج عرفيا ثلاث مرات بدون أية وثيقة رسمية و لم يتعرض لأي انتقاد أو تدخل في أحواله الشخصية و أنجب من الزوجات الصالحات عيالا و طلقهن بإحسان بعد أن عاشرهن بمعروف و لا دخل للسلطة في هذه الأحوال المسماة صدقا و حقا بالشخصية ! أما الرئيس الراهن للجمهورية الفرنسية السيد فرنسوا هولند فقد تزوج عرفيا (أقرب ما يكون للزواج الإسلامي الشرعي) مرة أولى بالسيدة سيغولان روايال و أنجبت له بنتين و ولدا ثم سرحها بإحسان أو سرحته (الله يعلم) ثم تزوج بنفس الزواج العرفي من السيدة فاليري تريالويلار الصحفية في مجلة باري ماتش وهي السيدة الأولى كما يقال لكن بدون أي صداق مدني ! و يشاع في بعض الصحف المسائية منذ مدة بأن هولند يتردد على فتاة في شقتها وهو ما نسميه زواج المسيار! فحياة المواطن الفرنسي الشخصية لا يقيدها قانون خانق جائر. ثم إن لدينا عمليات غش لا يريد العلمانيون الخوض فيها لأنها فعلا محرجة فالرئيس بورقيبة رحمة الله عليه عاش مع زوجة فرنسية و مع السيدة وسيلة بن عمار زوجة بن الشاذلي و في اخر عمره طلقها طلاقا جائرا نفذه أحد المحامين بدون حضورها فكانت السيدة وسيلة من ضحايا القانون الذي سنه زوجها و دافعت هي عنه طوال ثلث قرن و لم يكن حظ الزوجة الأولى للرئيس الثاني بن علي أسعد حظا حين أراد الرئيس الزواج من ثانية !يعلم الله أني أب لبنات و أتمنى لهن السعادة و الاستقرار لكني أشاهد حال أربعة ملايين عانس (حسب مصادر إجتماعية) مضافا لهن مئات الآلاف من المطلقات والأرامل و أتساءل كيف سنعالج هذه المعضلات و ليس عندي حلول سحرية أو اعتباطية لكن أعلى المسؤولين في السياسة التونسية أصبحوا هذه الأيام يتألمون من هذه الظواهر التي نعتوها بالإخلالات فوزير الصحة السيد بن عمار ندد بلجوء امرأة من ثلاث نساء للإجهاض (وهو قتل للأجنة في الأرحام حرمه الشرع إلا في الحالات القصوى) ومن جهة أخرى طالب الشيخ راشد الغنوشي بأن يتزوج الشباب التوانسة من النساء المطلقات و الأرامل و العوانس دون أن يقول لنا هل في زواج أول أو زواج بثانية!إنني أفهم عيد المرأة بمفهوم الحقيقة و الواقع مع تقييم أمين للإيجابيات وهي كثيرة و للسلبيات وهي كثيرة أيضا بعيدا عن كل تخميرة أيديولوجية من اليمين أو اليسار و لا أفهم كيف يتحول قانون بشري اجتهادي إلى ما يشبه اللات و العزى نطوف حوله بالمباخر الحزبية و الشموع الانتخابية قائلين إنه خط أحمر و لا نقيم وزنا للضحايا وهم بمئات الآلاف غرر بهن فألقوا بالأزواج آباء أبنائهن في الشارع طمعا في غنيمة زائلة أو تبعا لنزوة عابرة و اشترطن على رجالهن و تاج رؤوسهن أن يطردوا أمهاتهم و يتنكروا لعائلاتهم في لحظة من غياب الضمير و في وهم حماية القانون للمرأة ظالمة أو مظلومة. و من حقك يا قارئي العزيز أن تسألني عن سر عنوان المقال فما دخل الرجل المقعد على شاطئ البحر و أبوح لك أن هذه الخواطر حول ضرورة العلاقات المتوازنة بين الرجل و المرأة في تونس جالت بذهني و أنا أرى كل صباح على أحد شواطئ بنزرت حيث أقضي بعض الأيام سيدة تونسية من صلب هذه الأرض و ترائبها تدفع أمامها كرسيا متحركا يجلس عليه زوجها المقعد و كل يوم تعاني حتى تبلغ به مياه البحر التونسي الجميل فتأخذه بين أحضانها وتنزله بلطف و حب إلى حافة الماء كأنه طفلها المدلل و تساعده على بعض الحركات للتمتع بالسباحة ثم تعيده إلى كرسيه و تعيد دفع الكرسي إلى السيارة وتتركني هذه البطلة في حالة إعجاب أحمد الله تعالى على ألا يحرمنا من هؤلاء التونسيات الأصيلات و يوم 13 أغسطس أحييت عيد المرأة وحدي على نخب هذه المرأة الاستثنائية لأنه عيدها لا عيد اللواتي أسأن فهم القانون وحولوه أداة لتخريب بيوتهن بأيديهن وأيدي المغرورين والمنافقين.