02 نوفمبر 2025

تسجيل

الخواتم.. أسرار وخفايا

22 أغسطس 2014

الخاتم الذي نزين به أصابعنا ونتباهى تارة بجمال ودقة صنعه وتارة بغلاء ثمنه ، لم يكن يوماً مجرد حلية نحلي بها كف يدنا ، بل حمل - منذ نجح الإنسان في اكتشاف المعادن واستغلالها وبدأ يتعلم صنع منتجاته وأدواته - معاني ورموزا كثيرة. فالخاتم الذي هو عبارة عن حلقة دائرية الشكل مصنوعة من المعدن أو أي مادة أخرى وتوضع في احدى أصابع اليدين، وقد يرصع الخاتم بالأحجار والفصوص والجواهر أو تصاغ من نفس مادة المعدن أشكالا بارزة أو تضاف له نقوش وزخارف معينة. فبعض الأحجار والمعادن تعد رمزاً عظيماً حيث أعطى الإنسان القديم لكل حجر ومعدن رمزية وقدرات كبيرة تصل لدرجة التقديس ونسج الأساطير حولها، وقد يعود ذلك الى طبيعة تكوّن الأحجار والمعادن وخروجها من باطن الأرض من خلال البراكين أو الزلازل ، تلك الظواهر الطبيعية التي طالما أثارت الرعب والخوف في نفوس البشر. وقد استخدم الإنسان بعدها هذه الحجارة والمعادن كتعاويذ وتمائم ثم تطور به الأمر الى استخدامها كحلي بعد أن أجاد تقطيع الأحجار وتهذيبها و إذابة المعادن وطرقها وتطويعها. وفي التراث العربي وضع مؤلفون الكثير من المؤلفات لوصف الأحجار الكريمة وخواصها ومنافعها الطبية والدينية والعلاجية ، وأفرد اخوان الصفا فصولاً لوصفها وعدّوها من "لطـائف بـديع صنع الباري ودلالـة من دلائل نظامه وحكمته". كذلك قرن اخوان الصفا على غرار القـدماء بين لمعان الجواهر الحجرية، مثل البلور والياقـوت والزبرجد والعقيق وما شاكلها، وأنـوار الكواكب المتولية لذلك الجنس من الجواهر. وأوضحوا في كتب النجامة (اي احكام النجوم) ان الأحجار الكريمة تناظر المعادن والكواكب. ويعتبر اضفاء القداسة لنوع من الحجر أو الفص الذي يرصّع به الخاتم، أو بسبب مظهره وشكله أو لونه أو مصدره والنقش الذي يزينه ويضاعف بدوره من تأثير الفص أو الحجر وفعاليته. وتعطي الكتابة التي يحتويها الخاتم المزيد من القدرة والطاقة والتأثير. وتقرّبه من منـابع القوة الكـونية كما يعتقد البعض . وهكذا يطوق الخاتم الإصبع وتمنح صيغته التعويذية الحماية والقوة لصاحبه كما في المعتقدات القديمة والشعبية حتى زمننا هذا .ومنذ أقدم الحضارات كان خاتم الأصبع ينقش عليه شعار مميز أو شارة معينة ويستخدم كوسيلة سهلة ومريحة للبصم به عند اللزوم . وأقدم الأختام الموجودة من ذلك النوع هي ما ُأكتشف في مقابر المصريين القدماء . كما استخدمت بعض الشعوب القديمة الأخرى مثل السومريين و البابليين والآشوريين والفينيقيين وغيرهم من الأمم القديمة الخواتم لغرض الختم أيضًا ، وانتقلت هذه العادة من الشرق إلى اليونان وغيرها من بلدان الغرب. والخاتم اعتبر رمزاً للارتباط بين الرجل والمرأة ويقال إن أول من استخدمه لهذا الغرض هم الفراعنة وفكرة الخاتم ولدت للتعبير عن رمزية ( الرباط ) الاجتماعي المقدس بين الزوجين، فشكل الخاتم ( الدائري )، ووضعه في أصبع اليد، يعبر عن ( رمزية واقعية ) بأن الحياة الزوجية ، ما هي الا حلقة أو دائرة لشبك اصبعي الزوجين، فتكون بمنزلة القيد الذي يربطهما بعضهما ببعض. وقد شبّه عمر الخيام الكون كله بالخاتم ويقول في هذا: هذا الوجود قد استدار كخاتم النقش نحن بفص ذاك الخاتم وبهذا يتجاوز الخاتم كونه حلية أو رمزا لسلطة أو ارتباط بين زوجين أو جماعة بشرية الى رمز للوجود بأكمله بما يمثله من استدارة تامة .