11 سبتمبر 2025

تسجيل

مقالب الشارع.. وردود الفعل: لسنا سواء!

22 يوليو 2024

أسهل أنواع الحكم على الآخرين في مواقفهم المختلفة أننا نضعهم في ظروفنا، ونحاسبهم وفق ذلك. نتجاهل، من دون وعي منا أحيانا، أنهم مختلفون عنا، ولا ينبغي أن نحاسبهم ونحاكمهم ونحكم عليهم من دون أن نعرف على الأقل الظروف التي مروا بها أثناء معايشتهم لهذا الموقف أو ذاك. انتشر في الأيام القليلة الماضية مقطع فيديو لسيدة عربية تتعرض، في إحدى البلدان الأجنبية، لمقلب من مقالب الكاميرا الخفية، فكانت ردة فعلها المبالغ فيها وفق كثيرين سببا في انتشار المقطع بهذا الشكل الكبير ما بين مؤيد ومعارض لما فعلته السيدة. في المقلب، كان هناك رجل متخفٍّ بزي شجرة في الشارع، وعندما يمر به أحد العابرين يتحرك الرجل الشجرة مما يتسبب بردود فعل مختلفة من قبل هؤلاء العابرين، تنتهي معظمها بالضحك وتقبل الأمر بروح طيبة، لكن السيدة العربية التي كانت تمشي بصحبة أفراد من عائلتها لم تستطع تقبل المقلب، فبدأت بالسباب والشتائم، رغم محاولات أفراد عائلتها تهدئتها، بل أن الأمر وصل أخيرا، وسط ثورتها العارمة، إلى درجة البصق على الرجل أكثر من مرة ثم ضربه بحذائها. أغلبية ردود الفعل والتعليقات من الناس بعد انتشار المقطع كانت تصب كل غضبها على السيدة العربية، خاصة وأن المقطع المنتشر احتوى على مقلب آخر لسيدة أخرى من الواضح أنها أجنبية، وتقبلت المقلب بابتسامة ثم مضت في حال سبيلها، وهو ما أشعل المقارنة ما بين الموقفين لغير صالح السيدة الغاضبة التي لم تستطع كبح جماح الغضب تجاه مقلب أصبح من السلوك الاجتماعي والإعلامي الشائع منذ سنوات طويلة. وعلى الرغم من أنني تعجبت كثيرا من مبالغة تلك السيدة في رد فعلها القاسي جدا تجاه رجل لم يقصد إهانتها ولا إخافتها بشكل جدي، خاصة وأن سلوكها لم يقتصر على رد فعل الصدمة الأولى وحسب بل امتد حتى بعد أن حاول الجميع حولها شرح الأمر لها وتهدئتها، إلا أنني فكرت على صعيد آخر بظروفها التي لا نعرفها وقت تعرضها للمقلب. ربما تكون في أسوأ حالاتها النفسية أو أنها مستغرقة في التفكير بأمر يشغل بالها، أو أنها تمر بأزمة صحية أو حتى أنها لسبب أو لآخر غير قادرة على السيطرة على أعصابها في الظروف غير العادية.. فهل يحق لنا لومها على رد فعلها مهما كان عنيفا أو قاسيا على أمر لم تكن تتوقعه وليست على استعداد مسبق له؟ لا شك أن ردة فعل السيدة كانت متطرفة إلى حد كبير، وهو ما عرضها لاتهامات بقلة الأدب والذوق في وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن المقالب قد تؤثر بشكل مختلف على وعي الناس، وعلينا أن نحترم ردود أفعالهم، حتى لو بدت غير مألوفة بالنسبة لنا. فلا يوجد رد فعل «صحيح» أو «خطأ» تجاه المقالب، لأن الأمر يتعلق بشخصية كل فرد وخلفيته. الأهم هو أن نتعامل بتفهم وتسامح مع اختلاف ردود الأفعال، وأن نتجنب الحكم المسبق على الناس بسبب ردود أفعالهم غير المتوقعة. وفي كل الأحوال لا ينبغي أن نتسامح في طريقة تصوير الناس من دون أن يعلموا مع تعريضهم لاختبارات أخلاقية وسلوكية غير مستعدين لها في أوقات معينة، فإن حدث ذلك لأسباب فنية على سبيل المثال لا ينبغي التساهل بعرض تلك المواقع المصورة إلا بموافقة أصحابها.. خاصة وأنها ستبقى دائما تلاحقهم ما دامت موجودة في فضاء الانترنت. ولذلك عليهم على الأقل أن يسمحوا بنشرها ما دامت قد صورت من دون علمهم أو موافقتهم المسبقة.