17 سبتمبر 2025
تسجيلالأحداث الدموية العنيفة التي شهدها قضاء الدير شمال البصرة والذي يعتبر جماهيريا الحاضنة الرئيسية للأحزاب الدينية والطائفية السائدة في العراق، تعبر عن خلاصة المنهج السياسي والفكري والإداري المفلس الذي تقود تلكم الأحزاب بعصاباتها المسلحة العراق إليه، فاحتجاج الشعب العراقي في الجنوب على سوء الخدمات وانعدام التيار الكهربائي في موسم الحر الرهيب لا تستجيب له السلطات إيجابيا أو تحاول التفاعل مع تلكم المطالب العادلة، بل تلجأ كعادتها لسلاح الإرهاب والقمع في ظل الفوضى العراقية السائدة وحالة العدمية والتخلف التي تسود البلاد وسط أحوال الحروب والنزاعات والتشابكات والصراع على السلطة والثروة والقرار في بلد تحولت فيه الديمقراطية لمهزلة حقيقية ولصيغة تدميرية شاملة بعد أن شوهت بالكامل وأخرجت من مضامينها الحضارية لتتحول لمقلب زبالة طائفي مثير للغثيان.في قضاء الدير سفكت دماء الشباب العراقي وهي تطالب بأوضاع إنسانية أفضل ولا تدعو للإرهاب أو التخريب بل للإصلاح، وفي تلك الدماء العبيطة تهاوت وانهارت كل شعارات المظلومية والإصلاح، ففي البصرة تسود أوضاع صراعات عنيفة بين القوى الطائفية المتنفذة والمتنافسة، خصوصا جماعة شهيد المحراب التي يقودها عمار الحكيم رئيس المجلس الإيراني الأعلى في العراق وبين بقية أحزاب فرقة حسب الله الطائفية وقد تعقد الموقف الميداني بعد تشكيل الحكيم لتنظيم عسكري جديد ميليشياوي وعصابي اسمه سرايا عاشوراء. يضاف لسلسلة السرايا والعصابات المسلحة التي ملأت العراق وجعلته فعلا أرضا للعراك، وهي تشكيلات لا يمكنها درء الإرهاب السائد والمنتشر طوليا وعرضيا، لكونها هي ذاتها تنظيمات إرهابية رثة تعتمد على تسويق الإرهاب الطائفي، جماعة سرايا عاشوراء هي المسؤولة عن إطلاق النار على المتظاهرين لكونها تنظيما عسكريا يخضع لقيادة عمار الحكيم ومعلوم أن محافظ البصرة هو من جماعة الحكيم وبالتالي فإن أي انتقاد لسوء الخدمات العامة يعني انتقاصا من دور عصابة المجلس الأعلى والتي قررت تشكيل تنظيم سرايا عاشوراء بدفعة تأسيسية أولى من المقاتلين عددها خمسين ألف مقاتل.تصوروا حجم المصاريف والمبالغ المصروفة على تلكم التنظيمات العصابية، من يدعمها ويمولها؟ وكيف يتم إدماجها في القوات العراقية المسلحة؟ والأهم من كل شيء ما هي طبيعة البطالة الرهيبة في المجتمع العراقي التي تدفع مئات الآلاف من الشباب والشيوخ للتطوع في عصابات طائفية سائبة كرست فشل الدولة العراقية وحيث تحولت جمهورية العراق لأفشل دولة من دول العالم المعاصر، والقضية الرئيسية باتت تتمحور اليوم حول تصاعد النزاعات والتنافس بين أهل الأحزاب الطائفية وهو تنافس سيؤدي بحكم الضرورة وطبائع الأمور لصدامات دموية ستتصاعد وتيرتها خلال المرحلة المقبلة، فمع كل فشل حكومي تتعمق أزمة العصابات الطائفية وتتوسع خنادق المواجهة وترسم سيناريوهات دموية، فمجلس الحكيم الأعلى بعد أن انشق عنه فيلق بدر الذي تحول لفرع رسمي للحرس الثوري الإيراني في العراق بقيادة هادي العامري ومعاونة نائبه الإرهابي أبو مهدي المهندس بات يبحث عن تنظيم عسكري يكون بمثابة الذراع الضاربة لعمار الحكيم وقد تحقق ذلك من خلال سرايا عاشوراء والذي يدخل أيضا في منافسة مع الخصم الآخر مقتدى الصدر وتنظيمه المسلح سرايا السلام.مريع ومحزن ما يحدث في العراق وهو يتشظى فيما الأحزاب الطائفية مستعدة لحرق العراق على من فيه وقتل جماهيرها إن تجرأت وحاسبتها على أخطائها. إنها السلطة العمياء والفوضى المهلكة التي حولت العراق لقطعة من الجحيم.. وما دامت الطائفية هي السائدة فكرا ومنهجا وسلوكا فالتمسوا الكوارث المقبلات.