17 سبتمبر 2025

تسجيل

الرسائل المسمومة

22 يوليو 2014

إن الإنسان في رمضان يفعل الخير دوما، فتراه دائما يحب الخير ويكثر من فعله، لأنه علم قيمة الإيجابية فهو بعيد عن السلبية، فالإيجابية هي أن يكون الإنسان فيضا من العطاء، متفائلا لا ييأس حتى وإن قنط الآخرون يستطيع أن يصنع من الشمعة نورا، فهو جميل، لذا فإنه يرى الوجود جميلا، خاصة في أيام الصيام والتي يكون فيها المسلمون قدوة لغيرهم، فهذه سمة من سمات أبناء هذه الأمة، ومن أجل ذلك تعد أمتنا أمة رائدة بما تحمل من عقيدة قوية وإيمان راسخ وبما تنتهج من وسطية واعتدال في شؤون حياتها الدنيوية والأخروية، فلا تعنت وتشدد يحدثان خللا في أوساطها، ولا تسيب وانفلات يقلبانها رأسا على عقب، وإنما بما لديها من إيجابية تستطيع من خلالها حمل راية القيادة، فتدرك بذلك الأخطار الناجمة التي تحيط بها، فتعمل جاهدة على الحفاظ على كيانها واستقرارها، فتعمل على تحقيق الرفعة والتقدم، فإن جميع من يعيش على ظهر المعمورة يدركون بأن أمة الإسلام أمة عريقة واسعة الأرجاء غنية التجربة راسخة الجذور، فالحق سبحانه وتعالى اصطفى هذه الأمة وجعلها خير الأمم بما تقدمه من أمر بمعروف ونهي عن المنكر، فأرسل إلينا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين القويم، بيَّن فيه ما يحتاج إليه الخلق مما فيه صلاحهم في دنياهم وأخراهم، بيانا واضحا لا لبس فيه ولا خفاء.إن تناقل الأخبار أمر عظيم يحتاج إلى تثبت من الأخبار وتدقيقها وحبذا لو كانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الرسائل المسمومة التي ظاهرها الرحمة وتحمل فيها سيلا من الزيف والضلال، لمثل هذا فليكن المسلم ذا شخصية ومعرفة ولا ينقل إلا ما تثبت منه وعرف صحته وإلا ستكون بلبلة لا فائدة فيها إلا نشر الأباطيل والأكاذيب، لذا لم يكِل الحق سبحانه وتعالى فهم شرعه إلى آراء البشر وأهوائهم، بل تولى تفاصيل شرعه بنفسه، وأكمل دينه لعباده، بحيث لا يقبل زيادة ولا نقصانا، لذا فالدين الإسلامي دين يحترم العقل، فقد دعا القرآن الكريم الإنسان إلى الإيمان بالله والحياة الآخرة التي فيها نتائج المسؤولية والحساب والجزاء وسلك في دعوته إلى الإيمان بالله طريقين ليصل بهما الإنسان إلى معرفة حقائق الوجود، أحدهما العقل الذي خلقه الله تعالى في الإنسان وجعله قوة نامية وبه يدرك حقائق العالم المحسوس، أما الطريق الثاني فقد جعله الله تعالى لإدراك حقائق عالم الغيب وما وراء عالم الشهادة، مما لا يستطيع العقل وحده إدراكه، لأنها من طبيعة مختلفة عن طبيعته وذلك لئلا يدع الإنسان جاهلا غافلا عما وراء الكون، فجعل الله من عباده فئة من الناس صلحوا ويصلحون، فيخلصون العمل لله تعالى ويحملون على عاتقهم مهمة جليلة ورسالة سامية تتمثل في تبصير الناس بأمور دينهم والتعريف بمبادئ الدين الحنيف وإظهار عظمة الإسلام وسماحته في التعامل مع الآخرين وبيان سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم مخلوق عرفته البشرية الذي ملأ الدنيا عدلا وحكمة ونورا أضاء مشارق الأرض ومغاربها، يقول الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران: 104.إن الثقافة الإسلامية تطبع شخصية الفرد بطابع معين يميزه عن غيره، ومن تلك السمات الفريدة التي يمتاز بها المسلم الإيمان والتقوى والورع والخشوع لله تعالى والأمل والرجاء والتوكل والاعتماد على الله تعالى، فيتربى المسلم على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر والحلم والوفاء بالعهد والعقود وطلاقة الوجه والتمسك بالآداب العامة وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية، فإن الكمال البشري لا يصنعه شكل ولا صورة ولا تصنع في أمور الدين، إنما الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الإنسانية تزكو به وتسمو، لذلك تبرز أهمية الإيجابية في أنها تحقق جوانب دينية واجتماعية، فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمجتمع يتصف أفراده بالإيجابية يحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وإنجازا رائعا.