05 أكتوبر 2025
تسجيللقد تناولت في مقالي السابق المشهد الذي حدث لي في مقصب الخور التابع لشركة اودام. واليوم انقل بعض الملاحظات عن المقصب، التي لم اتطرق اليها في المقال الماضي، وسأركز فقط في ما يختص بالاحسان. لقد رأيت كيف يعامل القصابون الحيوانات وطبعا بجهل منهم حيث يتم سحب الخراف وذبحها امام اقرانها وكذلك وجود خراف حية تدخل وتنتظر دورها وهي تشاهد ذبح الخراف الأخرى، وانا اعرف أن الاحسان في العمل هو ان تتقنه على اكمل وجه، وودت لو ان العاملين في المقصب يأخذون دورة في كيفية الإحسان من وزارة الأوقاف أو هيئة دينية.. وكذلك على البلدية ان تصمم المقاصب بحيث تكفل عدم دخول الحيوانات الحية الى القاعة وقت الذبح وان تذبح دون ان يرى بعضها البعض وتنتقل الأمور في غرف ومراحل منظمة مع وجود ارقام ظاهرة ومسجلة في الفاتورة حتى تصل الذبيحة الى المشتري بكل هدوء وترتيب يريح الجميع. لأنني قد شاهدت فوضى وكان الجميع مشترين وقصابين وخرافا حية ومذبوحة يتواجدون في نفس المكان، وبصعوبة يمكن ان يعرف أحد ذبيحته. واقترح ان يكون هناك مكتب لإحدى الجمعيات الخيرية بحيث لو أراد احد أن يتبرع بجزء من ذبيحته أو حتى صوفها او أحشائها او غير ذلك من الأجزاء التي لا يريدها بعد أن تغسل وتنظف يمكنه ذلك بدل ان ترمى وتكون عبئا على عمال النظافة وتعتبر صدقة باسمه. لقد صممت إحدى الفتيات حظائر للأبقار ومقصبا بحيث تراعى فيها الرحمة والشفقة في طريقه الذبح وهي غير مسلمة.. فكيف وديننا يحثنا على الإحسان في كل شيء. عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) رواه مسلم. توجيه نبوي إلى الإحسان في القتل بآدابه الراقية التي تجسد معاني الرفق بالحيوان، فمن ذلك أن تذبح البهيمة بآلة حادة تعجّل من خروج روحها، وانهار دمها، فلا تتعذب كثيرا ومن الإحسان في الذبح، ألا يقوم الذابح بحد شفرته أمام الذبيحة وكذلك فإنه يستحب له ألا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى، ولا يظهر السكين أمام الذبيحة إلا عند مباشرته للذبح وليس كما رأيت القصابين يدورون بسكاكينهم امام الخراف الحية وينتقلون من واحدة الى اخرى ويتركونها ثم يلقون أختها فوقها والخراف الحية تدوس عليها، ومن الرفق بالذبيحة أن تساق إلى المذبح سوقا هينا لا جرا كما شاهدت.. اتمنى أن تأخذ شركة اودام بتلك الملاحظات وأن تطبق في جميع المقاصب مع الحرص على الاحسان الى بني البشر القصابين انفسهم وتقليل ساعات العمل عليهم وخاصة في اوقات الذروة.. الإسلام في شموليته يدعو الإنسان إلى أن يحسن صلته بخالقه، وفي الوقت ذاته يضع الأسس المتينة والقواعد الراسخة في تعامله مع غيره من الخلق. إن كل ما سبق، يزيد المرء إيمانا بكمال هذا الدين، وتناوله لجميع نواحي الحياة، وبهذا المنهج الرباني الذي يتألق سموا بتلك المعاني السامية، يمكن للبشرية أن تخرج من ظلمات التيه، لتقتبس من نور الإسلام، وترتبط بخالقها جلّ وعلا برباط محكم وثيق، فتعيش آمنة مطمئنة، وهذا ما نتطلع إلى حصوله بإذن الله العلي القدير.