03 نوفمبر 2025
تسجيليود كل امرئ منا في هذه الحياة، لو يكون قريباً مما يحب ويهوى، ويتمنى ويرغب، لحاجة من الحوائج، ولغرض من الأغراض، ويتخذ لذلك ما يرتئيه مناسباً من شتى الوسائل، والذرائع الممكنة، للوصول إلى بغيته، فهذا يتزلف ويتملق لذي جاه لينال منه الحظوة، ويجد عنده المنعة وذاك يتودد ويتلطف لذي مال، ليصيب بعض ما لديه، وينتفع بما يفضل عنه، وغيرهم وغيرهم من صور الناس، المتفاوتة غاياتهم وأعمالهم، والمتباينة طباعهم وأخلاقهم، وهم لا يعلمون أنهم ينفقون من دينهم، وكرامة وشرف أنفسهم، بإزاء كل ما يأخذون من عرض يسير.يا بائع الدين بالدنيا وباطلها ترضى بدينك شيئاً ليس يسواه.ولكن الناس ليسوا سواء، فهناك من سمت نفسه، وعلت همته، وكمل عقله، وعرف طريق العزة والسناء، والمجد والعلياء، يسعى طالباً الغاية المنشودة المحمودة، التي يلقى بها سعادته، ونجاته وخير حياته في الدنيا وبعد مماته، بالتقرب من الله، خالق الكون والكائنات ورب الأرض والسموات. إن القرب من الله سبحانه بيد كل إنسان، لا يصعب على طالب، ولا يبعد عن قاصد، ولا يكلف المرء مشقة وعناء، بمجرد السجود لله المعبود، يكون العبد أقرب ما يكون من ربه، قال تعالى: (واسجد واقترب)، وقال عليه الصلاة السلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، ولكون السجود في صورته يمثل أقصى حالة من الخضوع والتذلل لله الواحد القهار، إذ يضع المسلم وجهه أشرف جزء في جسده على الأرض، فيعفر جبينه، طاعة وانقياداً لله.مليك على عرش السماء، مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد.رفع الله منزلته، وعظم شأنه، قال عليه الصلاة والسلام للصحابي الذي سأله مرافقته في الجنة: (أعنِّي على نفسك بكثرة السجود)، وانظر وتأمل في قول النبي: (أعنِّي على نفسك)، ولم يقل مثلاً عليك أو الزم كثرة السجود، للدلالة على أن الأمر يحتاج إلى مصابرة، ومجاهدة للنفس وحملها وإلزامها فعل الطاعة، ثم عبر عن الصلاة بلفظ السجود، من باب تسمية الكل باسم البعض، للإشارة إلى أن السجود أعظم ما في الصلاة، يؤكد هذا المعنى، تسمية بيت الله مسجداً، ولم يسم مثلاً مصلى أو مركعا.ولتعلم أيها القارئ الكريم، ما لك من أجر بكل سجدة تسجدها لله، أورد لك الحديث الصحيح الآتي:قال عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة، ومحا عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود)، وفي حديث آخر يوصي عليه الصلاة والسلام بكثرة الدعاء في السجود، إذ يكون الدعاء أدعى للقبول، وقمن بالإجابة.فأكثروا من السجود قبل اليوم الموعود.اللهم تقبل منا سجودنا، وصالح أعمالنا، وأعِنَّا على طاعتك، واجعلنا ممن دعاك فأجبته، وسألك فأعطيته... اللهم آمين.